صور ــ آمال خليلعائق واحد يحول دون البدء بتشغيل معمل عين بعال لفرز نفايات قضاء صور وتدويرها: إيجاد مطمر للنفايات التي لا تقبل الفرز. دراسة الأثر البيئي، التي أجرتها شركة «موريس»، رشّحت بلدتَي الحلوسية وطيرحرفا كأفضل مكانين صالحين للطمر. البلديتان شبه موافقتين، لكن الأولى رضخت لاعتراض الأهالي فعدلت عن موقفها، أما الثانية، فتتريّث في قبول الأمر. وهذا ما دفع اتحاد بلديات صور إلى البحث عن حلّ آخر، بديل عن المطمر، للبدء بتشغيل المعمل، فوجّه سؤالاً إلى خبراء لبنانيين وأجانب عن وسائل حديثة لاستبدال المطمر بآلية أخرى، وهو في انتظار الإجابة.
«الإنجاز الحلم» هو الوصف الذي يُطلق على مشروع معمل عين بعال، الذي شُرع في بنائه عام 2004، وتوزّع تمويله بين الاتحاد الأوروبي عبر وزارة التنمية (950 ألف يورو) ووكالة التنمية الأميركية، عبر جمعية الشبان المسيحية (719 ألف دولار)، أما اتحاد بلديات قضاء صور فقد أنفق حتى اليوم نحو مليونين وخمسمئة ألف دولار. وكان الاتحاد قد قدّم دراسة لإنشاء المعمل، بالتعاون مع جمعية الشبان المسيحية، في إطار مشروع تنمية الحكم المحلي، الذي أطلقته وزارة التنمية والإصلاح الإداري بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي.
بدورها، جمعية الشبان المسيحية كانت قد عرضت الأمر على الاتحاد، في إطار إيجاد حلّ لمشكلة مكبّ دير قانون رأس العين العشوائي، عبر برنامج «الحفاظ على البيئة»، الذي تنفّذه في لبنان بتمويل من وكالة التنمية الأميركية. فالمكبّ الذي استأجرته بلدية دير قانون رأس العين منذ بداية التسعينيات، تحوّل إلى جبل يحترق دائماً نتيجة تفاعل المواد الكيميائية فيه. واستناداً إلى الدراسة الأوّلية لمشروع معمل عين بعال، نقرأ أنه يفيد 300 ألف مواطن يقيمون في بلدات قضاء صور (57 بلدة)، ويستوعب يومياً 150 طناً من النفايات. ويسهم تشغيله في إقفال مكبّ رأس العين وسائر المكبّات العشوائية المنتشرة في البلدات تدريجياً. وعليه، فهو سيرفع الضرر عن مياه رأس العين الجوفية المحاذية للمكبّ الحالي، ويمنع التلوّث، ويتخلص من النفايات بطريقة صحيحة وعملية. كما يمكن الاستفادة من مبيعات النفايات غير العضوية. المشروع نال الموافقة من الوزارات المعنية والجهات المموّلة، وخصوصاً «أنه يعدّ الأول من نوعه في لبنان، والتجربة هي مقياس نجاحه أو فشله» بحسب عضو بلدية صور المهندس حسن دبوق. يشرح الأخير أنّ الدراسة لحظت «الابتعاد الكافي عن أقرب مركز سكني، والأثر البيئي وإمكانات السوق لتصريف البضائع الناتجة من إعادة التدوير من بلاستيك وحديد وزجاج».
ويوضح رئيس الدائرة الفنية في اتحاد بلديات صور، المهندس جلال عبد علي أن «معيار نجاح تجربة المعمل يتمثّل في توافر شرطين: الفرز من المصدر، وإيجاد مطمر للنفايات غير القابلة للفرز». ويؤكد أنّ الفرز من المصدر «سوف يوفّر على المعمل نفقات كبيرة، وقد تصل أرباحه إلى 70%».
أما الشرط الثاني، فرهن بالبلدة التي ستوافق على استقبال المطمر في أراضيها، علماً أن دراسة أجرتها شركة «موريس» البيئية، أظهرت أن بلدة الحلوسية تضم موقعاً مناسباً لاستقبال المطمر، بسبب التربة الكلسية وابتعاد الموقع عن المنازل السكنية. وبالرغم من موافقة بلدية الحلوسية، فإنّ أهالي البلدة والجوار تحرّكوا رافضين، ما دفع إلى البحث عن البديل، الذي كان وادي جمجيم في طيرحرفا، التي ينفي رئيس بلديتها اتخاذه أي قرار بهذا الشأن حتى الآن.
في هذا الإطار، يبرز عرض رئيس بلدية شحور علي الزين، المشارك في لجنة إيجاد المطمر، استقبال المطمر في بلدته «لأشجّع الخائفين من هذه الخطوة التجميلية وغير المضرّة أيضاً، بدلاً من المكبّات العشوائية التي تسبّب الأذى البيئي والصحي يومياً». الزين يلفت إلى الحوافز التشجيعيّة التي سوف تمنح للبلدية المعنيّة، ومنها مبلغ مالي سنوي قيمته 25 مليون ليرة لبنانية عدا الدعم بالمشاريع... لكن شحور بلدة لا تستوفي الشروط المطلوبة لإقامة مطمر فيها، فمن يبادر إلى استقبال المعمل وتشغيله؟