رضوان مرتضىفي هذه الأثناء، كان قد ورد اتصال إلى مخفر بعبدا، يُبلغ عن وجود طفل عارٍ مرميّ أمام أحد الأبنية في الحازمية. توجه عناصر المخفر إلى المكان، فتبيّن لهم أن الطفل متوفّى. نزل كارلوس من منزله ليقصد المستشفى، لكنه مُنع من خروج المبنى بسبب وجود طفل ميت مرميّ على الأرض. شكّ الأخير بأمر الخادمة، فسألها عن الأمر. أنكرت ـــــ حسب قوله ـــــ أن يكون الطفل لها، ثم عادت وأخبرته بأنها ولدت طفلاً كان ميتاً، فرمته من النافذة.
قصد كارلوس عناصر الشرطة وأعلمهم بأن العاملة لديه، أنجبت الطفل، ورمته من منزله الكائن في الطبقة الثالثة.
أجرت القوى الأمنية كشفاً على الطفل المتوفّى وعلى منزل كارلوس ش. فتبيّن أن الجثة تعود إلى طفلة مولودة حديثاً، إذ لا تزال آثار الدماء على رأسها نتيجة الولادة، كما أن مصران الطفلة وحبل الخلاص لا يزالان معلّقين بجسمها. كذلك عُثر على آثار لدماء داخل حمام المنزل، بالإضافة إلى بقع دماء على شباك الحمام المذكور. بدأ التحقيق مع المتهمة، فصرّحت بأنها عزباء، تعمل خادمة في منزل كارلوس ش. منذ دخولها الأراضي اللبنانية عبر مكتب استخدام. وأشارت إلى أنها مارست الجنس مرة واحدة في بلدها قبل حضورها إلى لبنان بنحو خمسة أشهر، ذاكرة أنه بعد شهر من ذلك، لم تأتها العادة الشهرية. ولفتت المتهمة إلى أنها خضعت لتحاليل طبية عند حضورها إلى لبنان، لكن تلك التحاليل لم تتضمن فحصاً للحمل.
أمام المحكمة، أنكرت الخادمة علمها بأنها حامل. وذكرت أن الطفلة التي ولدتها، خرجت منها بسرعة وبدون قطع حبل الخلاص، فشعرت بأنها لم تكن حية، لأن عينيها كانتا مغمضتين. لكنّها عادت وصرّحت بأنها مخطوبة في بلادها (مدغشقر) من رجل أبيض اللون، مؤكّدة أن خطيبها المذكور هو والد الطفلة. وقد لفتت الخادمة إلى أنّ عادات بلدها تعتبر أن إنجاب فتاة غير متزوّجة، لطفل، يعتبر أمراً مستهجناً. وبشأن ما حصل يوم الحادث، روت الخادمة بأنها شعرت بآلام الولادة، فجلست في «الباكادوش» في الحمام. وضعت طفلتها حوالى الساعة السابعة والنصف صباحاً. خرج منها المولود واستقر في «البانيو»، دون أن تقطع أي شيء. قالت إن الطفل كان ميتاً، لم يصدر عنه أي صوت، لذلك رمته من شبّاك الحمام.
اللافت في القضية، أن كارلوس أفاد بأنه لم يكن يعلم بأن العاملة لديه حامل، كما أكّد أنه لم يلاحظ عليها أي علامات للحمل لأن جسمها كان ممتلئاً.
وأشار كارلوس إلى أن الخادمة خضعت لفحص منزلي للحمل عند قدومها إلى لبنان، لكن نتيجته جاءت سلبية. كما ذكر بأن الطبيب أعلمه بأن ذلك الفحص لا يعطي نتيجة إلا بعد مرور ثلاثة أشهر على الحمل. وأكّد كارلوس أنه يوم ولادة الطفلة في منزله، لم يسمع أي صوت أو صراخ يُستدلّ منه على وجود مولود.
كشف الطبيب الشرعي منيب عويدات على جثة الطفلة، فكتب في التقرير بأن الجثة هي لأنثى حديثة الولادة، مربوطة بحبل الخلاص، بيضاء اللون والوجه مزرقّ. وذكر بأن جثة المولودة لا تحمل آثار عنف. وُلدت طبيعياً في الشهر الثامن من الحمل، لكنه لفت إلى عدم وجود أثر اهتراء عليها، ما يعني بأن الطفلة كانت حية في بطن أمها في ذلك الشهر، ذاكراً أن المتّهمة أعلمته بأنها كانت تشعر بالجنين يتحرّك في بطنها قبل يوم واحد من الولادة. لكنه لفت إلى أن سبب الوفاة يعود إلى سقوط الجنين من مكان مرتفع. كذلك عاين الطبيب الشرعي والدة الطفلة، فتبيّن أنها المرة الأولى التي تنجب فيها، ولاحظ وجود بقع دم على ثيابها الداخلية والخارجية وعلى سريرها وعلى الشباك الذي رُميت منه المولودة. كما ذكر بأنه إذا لم يُضرب المولود على مؤخرته عند خروجه من بطن أمه، فإنه لن يستطيع التنفس وسوف يختنق ويموت بعد دقائق.
اقتنعت المحكمة بأن المتهمة قد وضعت المولودة حيّة، وبسبب حملها بها من دون زواج شرعي، قصدت التخلّص منها بعد الولادة برميها من نافذة الحمّام، ما أدى إلى وفاتها.
قضت محكمة الجنايات في جبل لبنان، برئاسة القاضي عبد الرحيم حمود وعضوية المستشارين راجي الهاشم ورانيا بشارة، بإدانة المتهمة هلي ف. وإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بحقها مدة أربع سنوات، ثم بخفض العقوبة إلى الأشغال الشاقة لمدة سنتين وخمسة أشهر.