صيدا ــ خالد الغربييتقاسم الوافدون المكان، «ومن حضر السوق اشترى والضربة لمن سبق»، كما يقول حسين الحسن من بلدة مشغرة، مفاخراً بحضوره المبكر وانتقائه نقطة يعدّها استراتيجية في عمله، وهي نقطة تلاقي مياه نهر الأوّلي بمياه البحر. هنا، كانت الرياح تدفع عشرات القطع الخشبية إلى عمق البحر ثم تقذفها فيلتقطها حسين وينقلها إلى «بيك آب» أحضره كما أحضر نجله وقريباً له لكي يساعداه. يبدو الرجل واثقاً من أنّه سيحقق صيداً وفيراً يكفي لمونته طيلة فصل الشتاء. ويؤكد أنّ «ما نجمعه هو للاستخدام المنزلي لا للبيع».
«أعطنا حطبنا كفاف شتائنا»، يقول أحدهم وهو يهمّ بجمع الحطب، غير عابئ بالعاصفة التي تهبّ في المكان، فالمهم بالنسبة إليه أن «أعود إلى البقاع غانماً». لكنّ الرجل يقول إن كمية الحطب التي جمعها بالكاد «تخدمه أسبوعاً، ونحتاج إلى المزيد، بس بحصة حطب تسند خابية البرد والصقيع».
علامات السرور بدت على وجه محمود أيوب وامرأته اللذين اختارا بدورهما نقطة مهمة تتجمع فيها الأخشاب بالقرب من مكبّ النفايات. «جينا من آخر الدنيا، بس سلّتنا ما طلعت فاضية»، يقول الرجل هذا الكلام، مضيفاً «سأعمل على نقل هذه الكميات تباعاً ويومياً، فالحطب عند الشاطئ الصيداوي كثير، لذا سأتدبّر منه حاجتي، أما القسم الباقي فسأقوم ببيعه بسعر 50 ألف ليرة للنقلة الواحدة». أما الزوجة فتنتقد ما يفعله بعض التجار الذين ينتهكون الطبيعة ويقطعون الأشجار ويحرقونها من أجل بيعها. وتردف: «أما نحن فلا نرتكب جريمة بيئية، بل نجمع الحطب وننظّف الشاطئ وبعض الطرقات، لنعتاش من هذا العمل من دون أن نشوّه الطبيعة». تنهي المرأة كلامها بالقول: «هذا عمل شاق، وما يدفعنا إلى المرّ هو الأمَرّ منه».