الخاسر الأكبر في صيدا، أهلها. هذا ما يؤكده رئيس البلدية عبد الرحمن البزري الذي يعترف بنجاح السلطة في عرقلة عمله وتاخير إنجاز عدد من المشاريع
صيدا ــ خالد الغربي
في عام 1972، حلّت الدولة اللبنانية المجلس البلدي في صيدا، وأوكلت مهمّاته إلى محافظ الجنوب، هنري لحود، ثم خَلَفه حليم فياض. قيل يومها الكثير عن سبب الإقالة، لكن ما يُجمع عليه الصيداويون، أنها جاءت لإطباق الحصار أكثر فأكثر على رئيس البلدية آنذاك معروف سعد، وخصوصاً بعدما كان قد خسر موقعه النيابي في العام ذاته.
التاريخ يعيد نفسه في صيدا التي يطغى العمل السياسي فيها على البلدي؟
تبدو الإجابة نعم، في ظلّ “الكباش السياسي”، الذي يميّز عهد البلدية الحالية برئاسة عبد الرحمن البزري. ذلك أن فوز لائحته عام 2004 بالانتخابات البلدية، على اللائحة المدعومة من الرئيس الشهيد رفيق الحريري، عُدّ بنظر بعض المحللين “اغتيالاً سياسياً” للرئيس الحريري، سبق اغتياله الجسدي في شباط 2005.
طبيعة المعركة السياسية يومها جعلت البلدية في موقع المحاصَر والمعاقَب. وهذا ما يشعر به معظم الصيداويين، موالين كانوا أو معارضين لسياسة البلدية. بالنسبة إلى المقرّبين من تيار المستقبل، لا يحقّ للبلدية أن تنتظر دعماً من فريق السلطة “هل من المنطق مساعدة الخصم؟”، يقول محمد الغزاوي. أما بالنسبة إلى المقرّبين، كأحمد القبرصلي “كلنا يعرف أن السلطة الممثّلة بآل الحريري لن تنثر الورود في طريق البلدية”.
الرأي الأخير يؤكده رئيس البلدية عبد الرحمن البزري. هو مقتنع بأن عقاباً سياسياً استهدف صيدا خصوصاً، وأعاقها عن العمل في عهد الوزير حسن السبع، إلا أنه يلفت إلى عقاب سياسي عام تواجهه كلّ البلديات من السلطة، التي تخشى تفعيل دور الإدارات المحلية.
يحكي البزري عن معاملات كانت تنام في أدراج الوزارة، وعن عمليات تحقيق كان يخضع لها موظفو البلدية بناءً على أخبار كانت تنشر في وسائل إعلامية موالية للسلطة “وقد تبيّن أن كل التحقيقات مبنيّة على معلومات غير دقيقة، إضافة إلى تعيين مراقبين ماليّين بطريقة غير قانونية. لكن الوضع تغيّر مع تسلّم الوزير زياد بارود مهمّاته. وهذا يعني أننا قد نكون مختلفين سياسياً مع السلطة، إلّا أنه يمكننا التعاون مع الوزراء الذي يقومون بعملهم على قاعدة: الحق سلطان”.
أبرز الأمثلة عن العرقلة مكب النفايات في صيدا. حيث يتهم مناصرو البلدية السلطة بتعطيل جهود إزالته عبر هبة الـ5 ملايين دولار التي كانت قد وضعتها مؤسسة الوليد بن طلال في تصرّف البلدية. ويتناقل كثيرون معلومات عن دور تعطيليّ لتيار المستقبل في وزارة البيئة. علماً أن وزيرة التربية بهية الحريري قالت في اللقاء التشاوري البيئي، الذي دعت إليه قبل أسبوع إنها “تتبنّى توصيات المؤتمر البيئي الذي عقدته بلدية صيدا من أجل معالجة مكب النفايات”.
من جهته، يشرح البزري أن المكبّ يُفترض أن يكون مشكلة الحكومة، “إلّا أنّ الدولة لم تبادر إلّا إلى معالجة النفايات في بيروت. وعندما نجحنا في الحصول على المنحة المالية من مؤسسة الوليد بن طلال، وُوْجهنا بعقبات تقنية تتعلق بإيجاد موقع بديل”. البزري الذي لا يخفي آراءه السياسية، كان يتمنّى “إبعاد المكبّ عن التجاذب السياسي، وإيجاد حلّ لمشكلته”، معتبراً أن الخاسر الأكبر كان مدينة صيدا “قد نتبادل الاتهامات بشأن من نجح في عرقلة هذا المشروع أو ذاك، لكن الحقيقة أن صيدا باتت تحمل أعباءً بيئية كبيرة جداً، بسبب المشاريع السيئة الأثر عليها، من دون أن يكون هناك من يبادر إلى التعويض عليها”.