على عتبة الانتخابات البلدية يخشى أعضاء «اللجنة الثقافية لشباب كفرصير» من أن يُعاد انتخاب رئيس بلديّتهم. هم على خلاف معه وبسببه يقاطعون العمل في ضيعتهم، بينما ينشطون في القرى المجاورة
نارمين الحر
«يحاول رئيس البلدية إقصاءنا وحصر العمل التنموي بزمرة يمون عليها، لذا قررنا أن لا نقيم مشاريع في الضيعة ما عدا مشروع الكتاب المدرسي»، يقول عضو في «الرابطة الخيرية لشباب كفرصير»، ومسؤول في «اللجنة الثقافية لشباب كفرصير» المنبثقة عنها.
«على شباب كفرصير أن يعملوا في أحضان البلدية. أيّ عمل يقومون به خارج رعاية البلدية وإشرافها سيبقى ضعيفاً. لأن البلدية في النهاية هي السلطة، من هم؟» يسأل رئيس البلدية وحيد سبيتي.
«نحن شباب كفرصير، اسألي عن شباب كفرصير». يعدّ الشباب أنفسهم ناشطين مستقلين، البعض منهم ذو توجّهات حزبية: ثمانيّة آذارية، أربعة عشرية آذارية ويسارية. يجمعهم الاندفاع لتحسين نوعية الحياة في البلدة، التي تبلغ مساحتها 15000 ألف دونم، «نحن بنزين وبتولعيه».
غير أنّ سبيتي يرى أنّ «بعض نشاطاتهم قد تبدو كأنّها محزّبة، كما هي حال كل ما في البلد، لذا يقاطعها أشخاص من الضيعة».
الشباب والصبايا يختلفون مع رئيس البلدية لمحاولته التفرّد باتّخاذ القرار، على حدّ زعمهم. ويأخذون عليه تمييزه بين أهالي القرية على أساس الانتماء الطبقي والعائلي. يروي أحد أعضاء اللجنة كيف أنّنا «مرةً ونحن نتجادل، قال لي رئيس البلدية: إنت مين لتحكي؟ إبن مين إنت حبيبي؟». لكن ما أصل الخلاف بين الشباب وشخص رئيس البلدية؟
كانت لدى الشباب والصبايا فكرة عشاء قروي سنة 2007، لم ينفّذ المشروع لافتقارهم إلى التمويل. اقترح عليهم رجال البلدية تمويل المشروع على أن يوسّع إلى مهرجان تراثي «يكونون فيه الممولين، ونكون نحن الشباب العنصر اللوجستي».
في ساحة القندول والنرجس لم ينفّذ المهرجان كما كان متفقا عليه. فعوضاً عن الدبكة وُضعت موسيقى الحزب، الذي ينتمي إليه رئيس البلدية. «طلبتُ من منسق الموسيقى أن يوقفها، قال لي اطلبي هذا من الرئيس. طلبت منه ذلك لأننا لا نريد تسييس المهرجان، لكنه أبى»، تقول طالبة علوم الكمبيوتر والعضوة في اللجنة. لا يعدّ الشباب أنفسهم في مواجهة مع الحزب، الذي ينتمي إليه الرئيس، بل «على العكس، فمحمد نسر رئيس البلدية سنة 2003 كان من الحزب نفسه، وكان ينشرب مع المياه العكرة».
من حينها إلى اليوم حصلت محاولات تطييب خاطر، منها عندما أتت الحركة الاجتماعية بـ«وسطاء بلا حدود» لفض النزاع، لكنّ المفاوضات تعسّرت لأن «رئيس البلدية استثنانا السنة الماضية عندما أقام المهرجان التراثي الذي هو فكرتنا، بحجة أنه لن يسمح بكل ما يضر بثقافة الضيعة وعاداتها وتقاليدها. ويعني بكلامه نحن».
مع استمرار الخصام، نقل الشباب والصبايا نشاطهم إلى القرى المجاورة. «وأوقفنا نشاطاتنا الثابتة في الضيعة، ما عدا واحداً، المشروع الدراسي»، يقول أحد أعضاء اللجنة. يضيف إنّ المخيم الصيفي للأولاد ألغي، كما لم ينظّم تكريم للطلاب المتخرجين، «لم نزرع شجر، ومجلة «صوت الشباب» (لا رخصة لها) لسان حال الضيعة أوقفناها». وعلى حدّ قول الشباب، كان التمويل واللوجستيات والاتصالات من «عرقنا وجيبتنا». يستثني الشباب من المقاطعة مشروع الكتاب المدرسي، «لأنّه حاجة في القرية والقرى المجاورة»، يقول عضو الإدارة في ثانوية الشهيد بلال فحص، نائل سبيتي. يستفيد من المشروع أكثر من 400 تلميذ من كفرصير وجوارها، بموجبه يشتري شباب كفرصير كتباً مدرسية ويؤجّرونها بـ10% أو 20%. «المشروع ناجح، حتى إنّ الدكتور سليم الحص أشاد به»، يقول سبيتي ويتابع: «أنصح كل ضيعة أن يكون لديها مشروع كتاب مدرسي».

حصلت محاولات تطييب خاطر لفض النزاع. إنما المفاوضات تعسّرت
لكن رئيس البلدية يرى أنّ «لا نشاطات ثابتة للمجموعة بل لهم نشاطات موسمية، زائدة، تنام وتصحو». بينما نائل سبيتي يقول إنّ «مشروع الكتاب المدرسي كان أول مشروع ثابت في كفرصير، ويجب أن يُعطَى الشباب دوراً أكبر، فهم الدم الجديد في الضيعة».
فيما وضع الشباب مشاريع الضيعة على الرف، انصرفوا إلى العمل حول كفرصير. من بين الضيع التي نشطوا فيها كانت أنصار، مع جمعية الشباب المسيحيين، وفي النبطية التي تبعد 12 كلم عن كفرصير. «بنية الفريق تفيد العمل المجتمعي. هم نشيطون جداً ويؤمنون بالعمل التطوّعي، أنا أساعدهم في الحملة التي يقومون بها من أجل البئر الارتوازية في كفرصير»، يفيد مسؤول النشاطات الجنوبية في بلدية النبطية، خليل رزق. «تحزّ بنفسك عندما تقدَّر خارج بلدتك”، يقول الشباب. في الضيعة بئر ارتوازية تحتاج إلى مضخّة مياه ومولّد كهرباء، «نريد ويمكننا المساعدة، لكن لا نريد أن نعمل نحن وهم يقفون في الاستقبال».
لا ينكر شباب كفرصير على البلدية الحالية قيامها بمشاريع إنمائية، منها تأهيل مخمر النفايات، بالتعاون مع جمعية «كوسوف» الإيطالية، ومشروع صرف صحي مع الألمان، «لكن أهذه حجة لفرض إرادة رئيس البلدية علينا؟ نحن خائفون أن يأتي في الانتخابات المقبلة. هو من أكبر عائلة ويمكنه ذلك».
تتقاطع آراء شباب كفرصير على شخصية رئيس البلدية الجديد. «نريد رئيساً متفاعلاً، ويسأل أين يمكننا أن نخدم الضيعة معاً. نريده أن يحفّزنا، أن يسأل ما هي حاجاتنا، أن يجعلنا نشعر بأن الضيعة ضيعتنا وذمّتها برقبتنا»، يقول أصغرهم. ويتابع: «هذا شرطنا لنعاود العمل في الضيعة. أصلاً لو خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة، فلا أظنه سيُنتخب».


أمل وحزب الله والعائلات

هناك عائلتان كبيرتان في كفرصير. في الانتخابات البلدية التي جرت عام 2004 اتفقت العائلتان على تقاسم مدة الرئاسة، كل واحدة 3 سنوات، مستفيدتَين من الفقرة 5 من المادة 11 من قانون البلديات التي تجيز للمجلس البلدي، بعد ثلاثة أعوام من انتخاب رئيس البلدية، أن ينزع الثقة منه، ويعيّن آخر بدلاً منه. وبالاتفاق، كان لكل عائلة 3 سنوات.