سوسن بدرانخطف الاعتداء الأخير على المحامين في طرابلس الضوء عن الاستعدادات الجارية في الجنوب للانتخابات النقابية. اجتاحت موجة من الاستياء والاستنكار الجسم القضائي لما حدث، وخصوصاً أن الحادثة الأخيرة، وتبعاً لما يؤكده حقوقيون جنوبيون، ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها المحامون للاعتداء على أيدي القوى الأمنية. كانت آخر تلك الحوادث قبيل الانتخابات النيابية الأخيرة بقليل، حين تعرّض المحامي علاء الدبس للضرب المبرح في منطقة النبطية، على أيدي القوى الأمنية. أحيل الملف إلى المحكمة العسكرية، حيث التحقيقات جارية لمعرفة ملابسات الحادث.
وقد تمثّل استياء محامي الجنوب بالإضراب عن حضورهم الجلسات في جميع المحاكم، يوم الاثنين الماضي، التزاماً منهم بقرار نقابة المحامين في بيروت الخاضعين لها قانوناً. وإذ اكتفى المحامون بالقرار المركزي للنقابة لـ«كون مكاتب النقابة في المناطق لا تستطيع أن تقوم بتحديد المواقف والقيام بالمعالجة المباشرة نظراً إلى تبعيتها لنقابة بيروت»، مع استنكار أي اعتداء على أي محام في لبنان أينما وجد. وفي هذا الإطار، يقول المحامي في النبطية محمد عواضة إن «حصانة المحامي مكفولة في القانون، وكل تعرّض أو ضرب أو شتم يتعرّض له يعرّض الفاعل لملاحقة وعقوبات مشددة»، موضحاً أنه في بعض الأحيان يُستدرج المحامي إلى إشكالات، وخصوصاً مع القوى الأمنية، بحيث يصوّر فعل هؤلاء بمثابة الدفاع عن أنفسهم، فيما الواقع يبرهن العكس، إذ إن المحامي في معظم الأحيان يكون في موقع المدافع عن نفسه إزاء ما يتعرض له. واستفاض عواضة ليسأل عن صدقية التحقيقات الأولية في تلك الحوادث، متخوّفاً من النتائج، فـ«التحقيقات تجري على يد الضابطة العدلية، فيكون ظاهر التحقيق لمصلحة القوى الأمنية في معظم الأحيان»، مشيراً إلى أن ذلك يمثّل ثغرة في أصول المحاكمات.
أما عن الاستعدادات الجارية في مكاتب النقابة في الجنوب لمواكبة انتخابات النقيب والأعضاء في مجلس نقابة بيروت، فلقد سجلت، منذ بدء السنة القضائية الجديدة، لقاءات مستمرة مع المحامين المرشحين الذين توافدوا تباعاً، لعرض برامجهم الانتخابية، التي كما يبدو «ما رح بتقدم أو تأخر»، كما لفت أحد المحامين، الذي عقّب على الموضوع بالتأكيد أن «معيار الاختيار سيكون سياسياً بامتياز
عامة».
وأفادت مصادر إدارية مطّلعة، في مكتب النقابة في النبطية، بأن التوجه العام في الجنوب، وخصوصاً منطقة النبطية منه، «يتجه نحو انتخاب مرشّحي المعارضة (حسين زبيب، جورج بارود وطارق الخطيب)، فيما يبقى انتخاب المرشح الرابع متروكاً لاختيار المحامين، وعلى الأرجح سيكون التصويت موزعاً على المرشحين المستقلين (أنطونيو الهاشم وأمل حداد)».

أكد أحد المحامين أن معيار اختيار النقابيين سيكون سياسياً بامتياز


ومهما تكن النتيجة، فإن جلّ ما يريده محامو الجنوب، بحسب المصدر عينه، هو «أن تكون نتيجة الانتخابات تمثّل جميع الطوائف». وتطرق المصدر إلى العوامل الطائفية الروتينية، فاستغرب «غياب مرشح طائفة الدروز، مطالباً المجلس الجديد بأن يقوم بتحديث قوانين النقابة، ولا سيّما بالنسبة إلى موضوع زيادة عدد أعضاء مجلس النقابة بما يتلاءم وحجم المحامين المتزايد، وأن يكون انتخاب النقيب من مجلس الأعضاء مباشرة، كي لا يؤثر ذلك في انتخاب الأعضاء المرشحين.
وكان عقد في النبطية لقاء مع المرشح إلى عضوية نقابة المحامين في بيروت عضو النقابة الحالي، المحامي حسين زبيب، أول من أمس، وتحدث المرشح زبيب في اللقاء، فأكد أن اللقاء هو «من أجل أن نؤكد ثوابتنا كأبناء لهذا الوطن ولهذا الجنوب المقاوم».
وعرض زبيب لحادثة طرابلس، فأشار إلى أنها تضع المحامين «في خانة البحث عن دور المحامي وحصانته التي هي معرّضة في كل وقت للانهيار». وفي رأي زبيب، فإن هذه المعطيات يجب أن تقود المحامين إلى التعامل مع النقابة كمؤسسة، على ألا تبقى على واقعها الحالي، معلناً أنه «خلال تجربتنا فيها، أحسسنا أننا نعمل في مجلس إدارة لا في مجلس نقابة، وهذا ما يدفعنا إلى تطوير المهنة وتطوير أنظمة القوانين، وأن نتحول إلى عمل مؤسساتي. النقابة في ظل قانون تنظيم المهنة هي نقيب وما يطرحه النقيب يتحقق».
ورأى عضو نقابة المحامين أن «هذه التجربة توجب اليوم ضرورة الدقة في اختيار النقيب الذي يرعى شؤون المحامين ويرعى شؤون النقابة»، مذكّراً: «نحن واضحون في توجهاتنا وتحالفاتنا، ونحن جزء من قوى المعارضة، وبالتالي تحالفاتنا ستكون على هذا الأساس».