عاد تلامذة ثانوية عيتا الشعب الرسمية إلى مدرستهم بعد غياب ثلاث سنوات ليجدوها بدون سور أو ملعب، ما يساعدهم على الهرب بسهولة. في المقابل، يعترض مديرها على عدم إكمال الجهة المانحة الترميم وارتفاع رسم التسجيل، ما خفف من الإقبال على الانتساب إلى المدرسة
زينب صالح
«للهريبة» فنون لدى تلامذة المدارس الرسمية، وخصوصاً في الصفوف الثانوية، لكنّ الأمر مختلف لدى تلامذة ثانوية عيتا الشعب الرسمية. هؤلاء كانوا ضيوفاً لمدة ثلاث سنوات لدى زملائهم في مدرسة أخرى في البلدة ريثما أعادت قطر تشييد مدرستهم التي دمرتها طائرات العدو الإسرائيلي خلال حرب تموز 2006. عاد إذاً التلامذة إلى ثانويتهم هذا العام ليكتشفوا أنّ إعادة الإعمار لم تشمل بناء سور للمدرسة ولا ترميم ملعبها. لم يحزن التلامذة لهذا الأمر، إذ اكتشفوا كم أصبح سهلاً عليهم الهرب من الساعات التي لا يستسيغوها كثيراً، وخصوصاً أنّ العملية لم تعد تتطلب جهداً كبيراً لعدم وجود عوائق أمامهم.
يجلس حسن أمام المبنى الجديد لثانويته على حافة ناجية من عدوان تموز 2006 في حصة فراغه. «المدرسة جميلة جداً»، يقول. «البناء جديد وأنيق بس شو بدنا نعمل بالشتوية»، يضيف وهو يزيل آثار الغبار العالق على ثيابه المتّسخة جرّاء الأتربة البيضاء التي تغطّي أرض الملعب. صديقه محمد يسخر من وضع ثانويته الجديدة التي عاد إليها بعد غياب 3 سنوات قائلاً «مدرسة بدون أسوار؟ وين صارت هاي؟ الهريبة سهلة، هيك ما فيها مغامرة». فرحُ الطلاب العائدين إلى ثانويتهم الأم بعد دمجهم في المدرسة الأولى للبلدة لثلاث سنوات دراسية كان واضحاً، فالمبنى «عاد أجمل مما كان بأضعاف» كما يرددون، إذ إن الوزارة طلبت من قطر التي تبنّت إعادة بنائها، تشييدها على الطراز الحديث والعصري ففعلت ذلك. ورُصد مبلغ خمسة ملايين دولار للمشروع الذي استغرق أكثر من عامين، ولم يشمل إعادة بناء السور وترميم الملعب الخارجي.
طريق الوصول إلى المدرسة، التي تقع في حارة الرجم في القرية، بات أسهل على التلامذة ومعلميهم، لأنّ المكان قريب من أماكن سكنهم، بخلاف الموقع المؤقت السابق في المدرسة الأولى التي تقع على مقربة من الحدود. لكن بعد انزعاج الإدارتين لكثرة عدد التلامذة، قدّم مسؤولو الثانوية طلباً إلى وزارة التربية والتعليم العالي في أيار 2009 طالبين منها الإسراع في إعادة بناء السور وترميم الملعب ووضع دفاعات الحديد للشبابيك لتسهيل العودة إليها. فعهد إلى جمعية IOCC إكمال العمل، ووعدت الجمعية بتقديم عشرة آلاف دولار وتنفيذ الأمر قبل شهر آب. وعندما راجع المدير محمد قاسم الوحدة الهندسية في الوزارة، تبيّن له أنّ الجمعية قد ألغت المشروع من دون أن يبلّغ. «عندها قدمت طلباً إلى البلدية التي وعدت بدراسته، لكنّها لم تستطع تكفّله بسبب قلة التمويل وتبنّيها مشاريع أخرى في البلدة»، يقول قاسم. يضيف: «نحن أمام مأساة حقيقية في الشتاء، فالمياه على الأتربة البيضاء تحدث سيولاً، والملعب الشتوي لا يسع الطلاب كافة، لذا نطالب الدولة بالرأفة بنا، وخصوصاً أنّنا لا نستطيع طلب المساعدة من إحدى الجمعيات ما لم توافق هي على الأمر».
ماذا عن التجهيزات التي وعدت بها قطر. يجيب قاسم بأنّه «لم يصلنا شيء سوى تجهيزات المختبرات الخمسة. حتى الألواح الخشبية لم تكن متوافرة». قدّمت الإدارة طلباً إلى الوزارة بتاريخ 19/ 8/ 2009، فطلبت إجراء مناقصة على حساب الصندوق المالي في الثانوية، وهذا ما فعلته الإدارة. وماذا عن التجهيزات التي بقيت؟ «ما لدينا من مقاعد وتجهيزات كلها متواضعة وهي من بقايا ما قبل الحرب ومن المساعدات التي أرسلتها الدولة بعد انتهاء العدوان مباشرة»، يقول قاسم.


عمل غير متقن وحالة اقتصادية صعبة

يقول مدير ثانوية عيتا الشعب الرسمية، محمد قاسم، إنّه «قبل الحرب كان لدينا أجهزة كمبيوتر ولم يكن لدينا مكان لإعطاء الحصص، أما الآن فالعكس صحيح، حتى قاعة الاجتماعات والمسرح لم يوضعا في الاستخدام بسبب غياب تجهيزاتهما اللازمة». وبخصوص المصعد و«موتور» المياه وأجهزة التدفئة المقدمة، «فإنّنا لم نجرؤ على تجربتهاً خوفاً من أن تكون معطلة»، وخصوصاً أنّ القرميد ما زال يرشح مياهاً بالرغم من إعادة ترميمه مرتين من قبل الثانوية»، ما يدل على أن العمل لم يكن متقناً.
وبخصوص التسجيل للعام الحالي، يقول المدير إن الإقبال خفّ بعد ارتفاع رسم التسجيل إلى 135 ألف ليرة للمرحلة المتوسطة و165 ألفاً للمرحلة الثانوية، فأحجم بعض الأهالي عن التسجيل ريثما يوفّرون المبالغ، نظراً إلى الحالة الاقتصادية الصعبة.