راجانا حمية«لا دعوى بدون مصلحة». عبارة كافية عرف منها الوكيل القانوني للعماد ميشال عون، وليد داغر، بأنّ دعوى الأخير لإبطال قرار مجلس الوزراء بطمر آثار «أرتوزيا» في البارد، «ردّت شكلاً لعدم تطابق الصفة والمصلحة مع أحكام المادة 106 من نظام مجلس شورى الدولة». لم يتوقّع داغر الرد. لكنه حصل. فليل الخميس الماضي، تلقّى الوكيل القانوني للعماد نسخة رسميّة من تقرير المستشار المقرّر ميريه عفيف عماطوري، وتبلغ منه مهلة الردّ عليه التي حدّدها المجلس بشهرٍ واحد للجهتين: المستدعية والمستدعى بوجهها.
لكن، ما الذي يحمله التقرير في طيّاته؟ وماذا بعد تبليغ المستدعي والمستدعى؟
يردّ التقرير على 3 نقاط: في طلب الرجوع عن قرار وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفي صفة ومصلحة المستدعي وفي طلب التدخل الذي تقدّمت به جمعية (إنماء).
في النقطة الأولى، كان المجلس قد اتّخذ قراراً بالعودة إلى العمل بقرار مجلس الوزراء، بعدما انتهت مهلة الشهرين اللذين حددهما المجلس للتعليق عليه قانوناً.
أما في ما يخص صفة ومصلحة المستدعي، فقد وجدت عماطوري أنهما ليستا مباشرتين وأكيدتين حسب المادة 106. وبناءً على ذلك، قررت عماطوري «رد المراجعة شكلاً لعدم توافر الشرطين وتضمين المستدعي الرسوم والمصاريف ورد سائر الطلبات الزائدة والمخالفة». أما ما الذي جعل الضرر غير مباشر؟ تورد عماطوري سلسلة حيثيات لرفض دعوى عون «كمواطن ونائب أمة وزعيم حزب سياسي». فبما «أن المصلحة الشخصية والمباشرة المشترط وجودها بموجب المادة 106 لم تتحقق، تقرر اتخاذ هذا القرار. وتطرقت عماطوري إلى

صفة المواطن لا تخوّل عون الطعن لتجاوز حدّ السلطة بقرار الحكومة

الصفات الثلاث التي قدّم على أساسها عون دعواه، فلفتت إلى أن صفة المواطن «التي يدلي بها المستدعي لا تجعله بوضع خاص يوليه مصلحة مباشرة إزاء القرار المطعون فيه، إذ لا يصح أن تختلط مصلحة الطاعن بالمصلحة العامة الشعبية، بل يجب أن تكون مستقلة بذاتها». واستناداً لذلك «صفة المواطن لا تخوّله دخول باب الطعن لتجاوز حد السلطة بقرار الحكومة». كما «لا تخوله صفته كممثل للأمة جمعاء وكزعيم تيار سياسي الطعن، كونها تخالف أحكام المادة 106». وتكمل عماطوري فتشير إلى أنه «إن أعطت الأحكام الدستورية عضو المجلس النيابي حق تمثيل الأمة، إلا أنها لم تعطه حق المقاضاة باسم الأمة إلا في حالة مراجعة المجلس حيث يتقدم بها 10 نواب على الأقل، وهذه تختلف بغايتها ومضمونها عن مراجعة إبطال القرارات الإدارية». واستناداً لذلك، لا يعود المجلس مضطراً إلى متابعة التحقيق حتى نهايته، وإلى انتظار اكتمال تبادل اللوائح، فليس من شأن هذا التبادل تغيير النتيجة التي ستؤول إلى رد الدعوى قبل التطرق إلى الأساس. وبناءً عليه، لم يعد مبرراً قبول التدخل المقدّم من إنماء.
لكن داغر رأى أن القرار سياسي لا علاقة له بالقانون، و«خصوصاً أن مفهوم المصلحة توسّع وبات الضرر، ولو احتمالياً، يلحق بكل مواطن». وهو ما أجابت عنه عماطوري بأنه «رغم هذا التوسع في تقدير المصلحة في مراجعة الإبطال لتجاوز حدّ السلطة، إلا أنه لم يجعل منها مصلحة عامة وشعبية».
باختصار، لن يربح المواطن عون الدعوى، اللهم إلا إذا كان يملك أرضاً في البارد حيث وجدت الآثار.