الطيبة ــ داني الأمينتبدو بلدة الطيبة، يوم الأربعاء من كلّ أسبوع، مختلفة عن عادتها. يضجّ سوقها الشهير بالمتسوّقين من أهلها ومن القادمين من قرى مجاورة. فهذه البلدة التي كانت لها شهرتها الخاصّة عندما كان قصر آل الأسعد، الذي يعلو إحدى تلالها الجميلة، يعجّ بالوافدين للقاء رئيس المجلس النيابي الأسبق، لم يبق لها من عزّها الإقطاعي سوى ضجيج سوق الأربعاء الشهير وكزدورته. يقصده المئات إن لم يكن للتسوّق فللترفيه، لكون المنطقة تخلو من أية أماكن له. هكذا، تنتظر أمّ حسين رمّال، من العديسة، كل صباح أربعاء، لشراء ما تحتاج إليه من السوق، لكنّ هدفها الأساسي، كما تقول، هو الترويح عن نفسها «والكزدورة» ولقاء الأصدقاء. «ليس في المنطقة أيّ مكان نذهب إليه، السوق يصبح متنفّسنا الوحيد. فالتسوّق وعجقة الناس مسليّان، إضافة إلى أن السلع أرخص من محال البلدة». وتدنّي أسعار السوق فرصة للأهالي للتموين الأسبوعي، ما يثير حفيظة بعض التجّار، وخصوصاً الخضر والأدوات المنزلية. يقول محمد رمّال «السوق جيّد، لكنه ينافس التجّار القلائل هنا، ويمنع آخرين من خوض مغامرة افتتاح مؤسّسة تجارية صغيرة، لكنّ الأهالي مرتاحون إلى هذا السوق القديم جداً، وخاصّة أبناء القرى المجاورة التي لا تتوافر فيها المحال التجارية». ويبيّن التاجر عبد علي فحص (الخيام) أنّ «سوق الطيبة هو السوق الأفضل بعد سوق النبطيّة. فجميع تجّار السوق يبيعون الكمية الأكبر من البضائع هنا، لأن المنطقة كلّها تفتقر إلى المحال التجارية المتنوّعة، وبعض القرى ليس فيها أيّ محلّ تجاري». ويجد المزارع محمد حسن ( كفركلا) في السوق فرصته لبيع أكبر كمية من منتجاته الزراعية، ويقول «رغم الوضع الاقتصادي الخانق، وإهمال الدولة لتصريف المزروعات ودعم المزارعين، فإن السوق هو الملاذ الوحيد لنا لبيع ما تيسّر من منتجاتنا الزراعية». أمّا الشباب والصبايا فيجدون في السوق فرصتهم الوحيدة للخروج والتلاقي. ففي قرى ربّ ثلاثين وطلّوسة ودير سريان والقنطرة وغيرها، لا أثر للحياة ولا مكان للكزدورة أصلاً، «فعدد المقيمين قليل جداً، وليس هناك حتى محال تجارية. لذلك، الخروج يوم الأربعاء إلى سوق الطيبة فرصة لنا للتعرّف إلى الآخرين ولقاء الأصدقاء من القرى المجاورة»، تقول زينب حمدان (القنطرة)، وتضيف أنّ «بعض الصبايا يخرجن مع أمهاتهنّ إلى سوق الأربعاء بهدف اصطياد العرسان، وخاصّة في فصل الشتاء عندما يعود المصطافون الشباب إلى مغترباتهم وتفقد الصبايا الأمل بالزواج صيفاً من أحدهم، فلا أمل إلّا بالبحث عن البديل في يوم السوق الشعبي».