محمد نزالينص القانون على حق العقيد بالترشّح إلى رتبة عميد بعد انقضاء خمس سنوات في الرتبة. لكن خلافاً للقانون وللأنظمة المرعية الإجراء، لم تصدر مراسيم الترقية لرتبة عميد لعام 2009 لجميع الضباط المرشحين إلى هذه الرتبة، سواء في الجيش أو الأمن العام أو الأمن الداخلي. وقد جُمّد توقيع هذه المراسيم لدى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بحجة وجود أزمة في سلك الأمن الداخلي والجيش لجهة كثرة المرشحين إلى رتبة عميد، فيما مثل هذه الأزمة غير موجود في الأمن العام، لا بل إن الأمن العام يعاني نقصاً في ضباطه من هذه الرتبة، إذ هناك حالياً عميدان فقط في الملاك من أصل 20. كذلك جُمّد المرسوم، لأن قيادة الجيش تنوي جعل مدة القِدم للترشّح من رتبة عقيد إلى رتبة عميد سبع سنوات (كذلك بسبب كثرة المرشحين).
من الوجهة القانونية، وفي حال وجود نية لدى مؤسسة الجيش أو غيرها لتعديل سنوات الترشّح بين الرتب، فإن وجود تلك النية لا يجوز أن ينطبق على مَن هم في الخدمة الفعلية حالياً، وأن يحول دون ترقيتهم، لكون الواجب تطبيقه هو القانون القائم حالياً الذي تطوّع على أساسه، لا على أساس أيّ قانون يمكن أن يصدر مستقبلاً.
ولا علاقة بين الأسلاك العسكرية في مسألة الترقية وأنظمتها الداخلية، وإنّ وجود أزمة رتب وترقية وتراكم في الجيش مثلاً لا يبرر تجميد الترقيات في مؤسسات أخرى كالأمن العام مثلاً. وقد سجلت سوابق عديدة في الأمن العام، وخاصة العميد سهام حركة، العميد رحباني، العميد عويدات وغيرهم، إذ بقي هؤلاء الضباط في رتبة عقيد لأكثر من ثماني سنوات بسبب عدم شغور ملاك العمداء، بينما رُقّيَ زملاؤهم في الدورة نفسها في الجيش وقوى الأمن الداخلي إلى رتبة عميد ولم تتأخر ترقية أحد منهم.
تقتضي الإشارة إلى أنه إذا كان قرار قائد الجيش غايته إحقاق المساواة بين جميع الضباط من الدورة نفسها في المدرسة الحربية، فإن هذا الأمر لا ينطبق على الضباط العقداء في الأمن العام الذين يحق لهم الترشّح إلى رتبة عميد، لكونهم متخرّجي صف وليس لهم زملاء في الدورة نفسها في أي سلك عسكري، وهم ينتمون إلى طوائف مختلفة.
على أي حال، فإن التذرّع بالأسباب أعلاه لعدم ترقية ضباط الأمن العام ما هو إلا حجج واهية، وخاصة أن العقداء الخمسة الذين يحق لهم الترقية هم من السيدات اللواتي سيتبوّأنَ المراكز القيادية في الأمن العام ويتعمّدون التأخير في ترقيتهم لكي يحلن على التقاعد، فيحلّ مكانهن الضباط الذكور ممن هم أدنى رتبة منهن. وهذا الأمر يمثّل تعدياً على مبدأ المساواة في الوظيفة بين الذكور والإناث، وخاصة في المراكز القيادية، وانتقاصاً من حقوقهن، وهن اللواتي خدمن في الأمن العام لفترة تزيد على 35 عاماً.
وزير الداخلية المحامي زياد بارود كان قد وقّع على مراسيم ترقية سيّدات الأمن العام، كما كان قد وقّع عليها وزير المال السابق محمد شطح. فهل يتمايز الرئيس سعد الحريري عن الرئيس فؤاد السنيورة فيقبل بإنصاف السيدات في إحدى أبرز المؤسسات المعنية بخدمة الناس؟