زحلة ــ نقولا أبورجيليتراكم نفايات في الشوارع، زحمة سير خانقة، شبكة مياه مهترئة، إنارة شبه معدومة، عشوائية مزمنة ومستجدّة في تنظيم الأبنية. هذا غيض من فيض ممّا تعانيه بلدة علي النهري، التي غاب عنها المجلس البلدي بعد استقالة رئيسَيه وجميع أعضائه قبل 3 سنوات، ولم يبقَ من جهازه الإداري، إلّا موظف وشرطيّان، يسيّرون الأعمال الروتينية تحت إشراف محافظة البقاع.
لهذه الأسباب، أعادت جمعية إنماء علي النهري إحياء نشاطاتها التي جمّدتها قبل عشر سنوات. يقول عضو الهيئة الإدارية في الجمعية قاسم الفوعاني: «غياب البلدية جعلنا نفتش في الدفاتر القديمة، وأعدنا إحياء جمعيتنا التي كانت قد أنشئت قبل 20 عاماً، وجُمّدت نشاطاتها بعد انتخاب المجلس البلدي عام 1998». يضيف: «نحاول قدر الإمكان سدّ جزء من الفراغ في مختلف النواحي، ومن أجل تشريع عملنا حصلنا على موافقة من وزارة الداخلية بموجب علم وخبر حمل الرقم 552 \2008، ما رفع عدد المنتسبين من 20 إلى 50 عضواً. وبعدما فتحنا باب التطوّع استقطبنا مجموعة من المثقفين والأطباء والمهندسين والمحامين وأساتذة المدارس، وعدداً من أبناء البلدة الناشطين في الشأن العام».
يتذكر الفوعاني المشاريع التي استطاعت الجمعية إنجازها قبل توقف نشاطها عام 1998، ومن أبرزها: «إنشاء ثانوية رسمية بلغت تكاليف بنائها مليون دولار أميركي، تمديد شبكة فرعية للصرف الصحي شملت نحو 80 % من الأحياء السكنية، استكملها المجلس البلدي المنتخب عام 1998 بإنشاء خط رئيسي وربطه بمجرى نهر البلدة بالقرب من بلدة رياق المجاورة، شراء قطعة أرض لاستخدامها مكبّاً للنفايات، توزيع مستوعبات وشراء شاحنة لجمعها لا تزال صالحة حالياً، شقّ وتوسيع بعض الطرقات، إقامة عدد من الجسور، تحسين تمديدات شبكة مياه الشفة، حفر بئر أرتوازية تُعرف بـ«بئر الناصرية»، لا تزال مقفلة من دون الاستفادة من مياهها، بعدما تبخّرت معدات تشغيلها».
وبحسب الفوعاني، «كان الأهالي يموّلون المشاريع الصغيرة من خلال جمع مبالغ زهيدة لا تتعدى 3 آلاف ليرة لبنانية عن كل منتج، أو ربّ أسرة. أما ما أُنجز من مشاريع كبيرة، فقد جاء على نفقة الجهات الرسمية، وبعض الزعماء السياسيين في المنطقة»، مستدركاً بالقول: «نحن لم نتسلّم أيّة مبالغ ماليه كبيرة لتنفيذ هذه المشاريع، بل اقتصر دورنا على المتابعة ومراجعة المعنيين لحثهم على تحقيق حاجات البلدة إنمائيا».
ورداً على سؤال عمّا تقوم به الجمعية حالياً بعد إعادة إحياء نشاطها، قال فوعاني: «أنشأنا مكتبة عامة في البلدة، ونسعى إلى تأسيس مركز اجتماعي ثقافي صحيّ، هو في طور الإعداد، وهناك اتصالات مع الصندوق الكويتي لتمويل مستلزماته، كما أن جهودنا تنصبّ حالياً على تحسين شبكة مياه الشفة، وتوفير المياه للمنازل». واستغرب الفوعاني عدم تجاوب محافظ البقاع الحالي وتلبيته حاجات البلدة «فشلنا في لقائه مراراً ولم نتمكّن من عرض مطالبنا عليه لأسباب نجهلها».
عضو البلدية المستقيل إبراهيم سنديان، أثنى على الدور الذي أدّته وتؤدّيه جمعية إنماء علي النهري، «وما تقوم به حالياً من نشاطات يصبّ في مصلحة البلدة من مختلف النواحي». سنديان لفت إلى أن أعضاء هذه الجمعية، سبق أن قاموا بمساع لإعادة اللحمة بين أعضاء المجلس البلدي المستقيل، إلّا أن جميع جهودهم باءت بالفشل، عازياً الأسباب إلى «عدم تجاوب الجهات الحزبية النافذة في البلدة، التي كان لها الباع الطويل في تسعير الخلافات بين أعضاء البلدية». سنديان لفت إلى أن الرئيس الذي انتخب عقب الانتخابات الأخيرة «استقال من منصبه بعد فترة وجيزة، ثم انتخب بديل عنه، ليتكرّر المشهد نفسه بعد أقل من سنتين»، معترفاً بأن «أعمال المجلسين، السابق والمستقيل، لم تتعدّ تسيير الأمور اليومية، وتنفيذ مشاريع ليست ذات أهمية مموّلة من البنك الدولي، واقتصرت على بناء عدد من الأقنية وتعبيد بعض الطرقات».