صيدا ــ خالد الغربيقلما تجد مواطناً شاكراً لحكومته، كما هي حال محمود الحاج، الموظف في إحدى الدوائر الحكومية. «الله يخليلنا هالدولة»، يقول الصيداوي وهو يسحب راتبه الشهري من إحدى الماكينات الالكترونية. فقد قررت الدولة إعطاء بعض الموظفين الرسمييين رواتبهم مقدماً ليتدبروا أمورهم في الأسبوع الأخير الذي يسبق عيد الأضحى. يبدو الرجل مطمئناً إلى أنّ «المعاش» لن يطير بلمح البصر هذه المرة، «لأنّ مثل هذا القرار سيتكرر الشهر المقبل أيضاً لمناسبة حلول عيد الميلاد». هنا تنفرج أسارير الحاج الذي راح يردد «في أحسن من الدولة؟».
منسوّق بضاعتنا بعبارات بترفع الهم عن قلب صاحبو
العيد على الأبواب وورشة شراء احتياجاته تسير في أسواق صيدا «على خير ما يرام». ها هي «بسطة الشعب» تعود إلى السوق التجاري وقد وضع عليها صاحبها أبو محمود وهبي «ما لذ وطاب من الشوكولا ومعمول العيد بأسعاره المتواضعة للتضامن مع الشعب»، كما يقول. تجتذب البسطة نادية الجمل فتشتري كمية كبيرة من الشوكولا، لكنها تمتنع عن شراء المعمول على الرغم من الإغراءات التي قدمها صاحب البسطة «حرقتلك السعر على الأخير». فالسيدة الأربعينية لا تزال تتمسّك بعادة صيداوية قديمة إذ تحبّذ، كما تقول، صناعة معمول العيد وأقراص التمر في المنزل. «بتاكل إيديك من وراها»، تفاخر الجمل بما ستنتجه يداها، رافضة نصيحة البائع وقوله لها «شرايتو ولا تربايتو».
«بروباغاندا» وشعارات لا تخلو من روح النكتة يمعن في طرافتها استخدام أصحاب المحال للكنة الصيداوية خلال تسويق منتجاتهم. وهنا يقول أحدهم «منسوّق بضاعتنا بتعابير بترفع الهم عن قلب صاحبو».
ولم تكن عبارة «حرق أو تكسير الأسعار التي وضعت على بسطة لبيع الملابس الداخلية الوحيدة داخل السوق التجاري في صيدا، فقد انتشرت عبارات أخرى أكثر طرافة مثل «بالعيد خلي زوزك (زوجك) يحبك أكتر لبسيلوا تجينس (جينز) من عند عنتر ويلا يا غزال روح تمختر»، بينما راح صاحب إحدى البسطات لبيع ملبن العيد (وهي قطعة من الحلوى تبل بالنشاء المحلى بالسكر وتنقع به على مدار أيام) يهتف «أوشبك (ما بك) لاوي جلس وكول حلاوة».
في ساحة بحر العيد، كان محمد الريس ينصب أرجوحة العيد الخاصة لتكون جاهزة لاستقبال الأطفال. لكن الريس يخشى أن يشهد العيد أمطاراً وأجواءً عاصفة كما حصل خلال عيد الفطر الماضي لذلك يناجي ربه قائلاً: «اللهم لا اعتراض على حكمتك، بس خلي الطقس صاح، ما إنت أدرى بالحال، بلكي منلحس اصبعنا بكم قرش». بالقرب من الساحة كان تلامذة إحدى المدارس الرسمية قد انصرفوا لتوهم وراحوا يغنون الاغنية العتيقة التي سمعوها من ذويهم «بكرا العيد ومنعيد ومنذبح بقرة السيد».