مهى زراقطيقول التعميم الصادر عن وزارة الداخلية والبلديات، والمنشور في الجريدة الرسمية العدد 53، ما يلي: “إن وزير الداخلية والبلديات، بناءً على مراجعة نوّاب بيروت وفعّالياتها، بناءً على مقتضيات المصلحة العامة، وحيث إن المدة المتبقية من ولاية المختارين قد شارفت على دخول الأشهر الستة الأخيرة، يقرّر ما يأتي:
المادة الأولى: يجمّد العمل بالقرار رقم 1684 تاريخ 27/10/ 2009 حتى إشعار آخر”.
تعميم يثير الحشرية، ويدفع إلى البحث عن القرار الذي يطلب وزير الداخلية، زياد بارود، تجميد العمل به، فنجده في العدد 51 من الجريدة الرسمية، وفيه:
“إن وزير الداخلية والبلديات، (...) بناءً على قانون المختارين والمجالس الاختيارية (...)، وحيث إن مختار حي رأس بيروت السيد كمال جرجي ربيز قد توفّاه الله (...)، وبالتالي أصبح مركزه شاغراً، وحيث إن السيد محمود عبد الرحمن شهاب هو أول الخاسرين (...)، بناءً على كتاب المديرية العامة للشؤون السياسية (...)، بناءً على دواعي الخدمة والمصلحة العامة، يقرّر ما يأتي:
المادة الأولى: عيّن السيد محمود عبد الرحمن شهاب (...)، مختاراً في حي رأس بيروت، وذلك بديلاً من المختار المتوفّى السيد كمال جرجي ربيز لإتمام مدة الولاية”.
■ ■ ■
يلفت في التعميم أن السبب الذي دفع الوزير إلى تجميد العمل بقراره هو المصلحة العامة، ومراجعات النواب والفعّاليات. فيما كان الدافع إلى اتخاذ القرار هو القانون أوّلاً، كتاب المديرية العامة للشؤون السياسية ثانياً، ودواعي الخدمة والمصلحة العامة ثالثاً. أي إنه في عملية حسابية بسيطة، تتساوى مراجعات النواب والفعّاليات مع القانون والمديرية العامة للشؤون السياسية، فتدفع إلى تجميد العمل بقرار قانوني بحجة أن الانتخابات باتت قريبة... علماً بأنه بات متداوَلاً أن احتمال تأجيل الانتخابات قائم!
إلا أن الأمر الأهم هو معرفة المصلحة العامة التي دفعت النواب والفعّاليات إلى الطلب من الوزير تجميد العمل بقراره القانوني؟ يروي أحد المطّلعين أن المختار المتوفّى يتبع طائفة الروم الأرثوذكس، وقد أثار تعيين مختار من الطائفة السنية مكانه، ضجة لدى أبناء طائفته المقيمين في رأس بيروت، فاحتجّوا لدى المطران إلياس عودة، وتضامن معهم عدد من نواب بيروت، وعلى رأسهم النائب محمد قباني. ويوضح الراوي أن رأس بيروت يُعدّ من الأحياء التي لا تزال تنعم بصيغة العيش المشترك، لأن أبناءها من المسيحيّين لا يزالون يقيمون فيها، على عكس بعض المناطق، لذلك اتفق المسلمون قبل المسيحيين على ضرورة مراعاة هذا الجانب، والمحافظة على المقعد لأبناء المذهب الأرثوذكسي.
للتذكير فقط: واحدة من ميزات قانون البلديات أنه لا يراعي التوازن الطائفي، لكنها ميزة باتت تهدّد المصلحة العامة على ما يبدو.