بسام القنطار لم يعد يقنع المواطن اللبناني أن يخرج وزير الصحة د. محمد جواد خليفة ليقول إن «الأمور تحت السيطرة»، ثم يعلن، في الوقت ذاته، أن لبنان دخل مرحلة الوباء بالنسبة إلى انتشار فيروس «آي اتش1 ان1» ما يعني أنه بلغ الخط الأحمر». يأتي تصريح خليفة في وقت تجاوز فيه عدد الحالات المكتشفة في لبنان حاجز الألف هذا الأسبوع، حيث تبين للوزارة أن «ثمانين في المئة من إصابات الأنفلونزا في لبنان هي إصابات بفيروس «آي اتش1 ان1»، ما يعني أن «المعدل يساوي إصابة في كل بيت تقريباً». لا بل إن خليفة ذهب أبعد من ذلك حين أعلن أمس في اتصال مع «الأخبار» أن 75% من اللبنانيين على الأقل سوف يصابون بالفيروس هذا الموسم.
كان يمكن أن يقتنع اللبنانيون أكثر بأن «الأمور تحت السيطرة» لو ترافق ذلك مع شفافية أكبر من جانب الوزارة في التعاطي مع هذا الملف. ففيما بدأت منظمة الصحة العالمية تحقق في تقارير عن أن أنفلونزا «آي اتش1 ان1» قد تكون اكتسبت مقاومة لعقار لـ«الأوسلتاميفير» (الاسم العلمي لعقار التاميفلو) عند ضعفاء المناعة، كان خليفة يعد بأنه «سيتم خلال الـ 48 ساعة المقبلة تأمين التاميفلو مجاناً للأطفال عبر المستشفيات الحكومية». وكشف عن أن «المخزون الوطني للعقار يكفي لعلاج 90 ألف شخص».
يستدل من إعلان خليفة بشأن «ضرورة عدم إضاعة الوقت لإجراء الفحوص اللازمة» إما أن الأغلبية الساحقة للحالات ستكون «آي اتش1 ان1»، أو أن الوزارة لن تتحمل كلفة الفحص على نفقتها (120 دولاراً) وخصوصا بعد انتشار الوباء، فيما «حللت» بعض المصادر هذا الموقف بالقول إن الوزارة تشكّ بصفقة ما كانت بصدد الحصول للترويج للفحوص السريعة وفحص الـ«بي سي آر» الخاص بالفيروس.
ثم ماذا يعني أن الفيروس «لا يستدعي العلاج إلا في الحالات المتقدمة»؟ ومن يحدد «الحالات المتقدمة» في الأرياف؟ فيما كان خليفة قد «شكك» عبر «الأخبار» في قدرة المستشفيات الرسمية والخاصة الموجودة في الأطراف على كشف تلك الحالات المتقدمة. وهل نحن نقترب من حصول وفيات جديدة بهذا الفيروس بسبب عدم الجهوزية الطبية لمستشفيات الأرياف لتحديد الحالات المتقدمة؟
ومن يرشد مثلاً الحوامل ومرضى الإيدز والقلب والسكري وغيرها من الأمراض الى ما يجب أن يفعلوه؟ وما مدى واقعية شعار «طبيب لكل مدرسة» الذي رفعته وزارتا الصحة والتربية؟ وهل إغلاق صف أو مدرسة بأكلمها هو لتفادي تكرار شرح الدروس للغائبين، أم لمنع انتشار العدوى؟
ماذا يبقى؟ اللقاح؟ ففيما كان اللبنانيون ينتظرون وصول اللقاحات التي حجزتها الوزارة، إذا بالوزير يعلن «أن الوزارة بصدد إلغاء طلبيات اللقاح لأنه لم يعد مجدياً مع بدء الموسم الفعلي للفيروس!»، علماً بأن جدوى أخذ اللقاح في موعده بات موضع تشكيك من منظمة الصحة العالمية التي أعلنت، أول من أمس، أنه تم تسجيل عدد غير معتاد من حالات الحساسية الشديدة كرد فعل على اللقاح في كندا.