فعلها الناشط البيئي علي فخري. كما وعد، ركض عارياً في شارع بلس بصحبة اثنين من رفاقه. مرّت «الفنعة» على خير، ولم يتلقّفه عناصر الدرك، لكن، هل وصلت رسالة التوعية البيئية إلى المارة؟
رنا حايك
عند الثانية من بعد ظهر أمس، تفاقمت زحمة السير الخانقة أصلاً في شارع بلس. ارتبك السائقون عند مشاهدة شبان ثلاثة يركضون عاريي الصدر إلا من بعض الإعلانات («الأخبار» العدد 980، يوم 24 تشرين الثاني 2009، والعدد 982، يوم 26 تشرين الثاني 2009): مانغو جينر، بحبك يا فافي، PROUD FEMINIST، دعوة إلى إلغاء المادة 543 من قانون العقوبات التي تعاقب «من يمارس المجامعة خلافاً للطبيعة»، HAPPY LATE BIRTHDAY MIRNA، 350 (نسبة أوكسيد الكاربون في الجو)، حبيبي أخضر، إندي آكت...
أصابت المارة صدمة، فجحظت بعض العيون وتوقفت اللقمة في حلق من يتناول سندويشاً في شارع الوجبات السريعة، بينما كان الشبان يهرولون أمام عدسات المصوّرين بسرعة صارخين: SAVE THE EARTH.
وسط زحمة الإعلانات المرسومة على أجساد علي فخري وشريف مكتبي وكريم بدرا وتنوعها الذي كان «الوسيلة الوحيدة لجمع الأموال»، كما يقول علي، ومع الركض السريع للشبان واللغة الإنكليزية التي اعتمدوها، ضاعت بوصلة المارة. فبينما أراد الناشطون «توعية الناس على مخاطر الاحتباس الحراري»، كما يشرح كريم، بالإضافة إلى جمع الأموال اللازمة لسفر عشرة ناشطين (غير 43 ذاهبين أصلاً) إلى القمة العالمية عن تغيّر المناخ في كوبنهاغن، من تبرعات أعضاء مجموعة «naked fun run» والبدلات التي دفعها المعلنون، ظل الخطاب التوعوي داخلياً كالعادة في أروقة الجمعيات المدنية، وبين مجموعة ضيقة من الجمهور، ليشهد النشاط للمرة المليون على مشكلة التواصل غير القائم بين الناشطين والقاعدة الشعبية.
ففي بلس، حيث توصل الشباب بنجاح إلى لفت أنظار المارة وعمال المطاعم والمحال ومرتاديها، توقف التفاعل عند هذا الحد.
«هول «غايز» (مثليّون). كانوا لابسين بوكسر عليه قلوب حمرا»، يقول العامل في أحد المطاعم، بينما يؤكد زميله في فرن المناقيش المحاذي «كانوا عم يحتجّوا على تقنين الكهربا». فخيال العامة لم يصل إلى كوبنهاغن، وتوقفت حواسهم عند رصد أصداء متخيلة لهواجسهم المحلية والحياتية.
أما على المستوى الضيق، وإزاء الإخفاق في التفاعل المجدي مع الشارع، فقد نجح الشباب مرّتين: مرة حين نجوا من ملاحقة الدرك لهم، وأخرى حين توصلوا إلى جمع 1300$، رغم أنهم كانوا ينوون جمع 5000$. هل هم راضون عن نتيجة تحركهم؟
يبدو التفاؤل عليهم واضحاً وهم يجبيون عن السؤال. «أكيد الناس انتبهوا للموضوع»، يقول علي، مضيفاً أن زملاءه بصدد إقامة أنشطة أخرى موازية لجمع ما بقي من المبلغ المطلوب، وأن «إنقاذ الكوكب كلمة كبيرة، لكن إذا 3 أشخاص قدروا يعملوا شي، أكيد منوصل لو التحرك عام». جملة تفاؤلية وحماسة تستحقان التقدير، رغم العوائق الكثيرة التي تقف على ما يبدو حجر عثرة أمام تعميم المطلب البيئي، بعضها يقع بيد الناشطين ويتعلق باستخدام اللغة العربية لمخاطبة شارع يعتمد العربية لغة رسمية، وبتبني أجندة مطلبية محلية قبل القفز إلى الهموم العالمية، وبعضها يتجاوز مسؤوليتهم ويتعلق بمعطيات اجتماعية لا يد لهم فيها.



تنوّه الناشطة لين الحاج، التي انتسبت أخيراً إلى جمعية إندي آكت، بمبادرة زملائها الناشطين، فهي مقاربة مختلفة عن تلك التي عهدناها كالتظاهرات المطلبية التقليدية. وهي تعبّر عن قدرتنا كأفراد على التحرك بأسلوب مبدع للفت الأنظار إلى قضايا تؤرقنا