رامي زريقيبدو أن العالم انقلب رأساً على عقب. ففي الوقت الذي تسجّل فيه الحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل إنجازات تؤلم العدو، معرّضة نفسها لتهمة معاداة السامية، كما حصل للذين شاركوا في مقاطعة مهرجان تورنتو السينمائي الذي كان عنوانه الاحتفاء بمدينة تل أبيب التي بناها المستعمر على ركام مدينة يافا، نجد حكام العرب وحاشيتهم من أهل المال والنفوذ يهرولون نحو التطبيع، مختبئين خلف شعارات أفرغت من معناها مثل التنوّر والانفتاح والسلام. لا تكمن العلة في الأنظمة فقط، بل إنها قد تفشّت لتطال بعض الشرائح الاجتماعية، حتى في بلدان الممانعة. وقد نشرت أخيراً إحدى المجلات اللبنانية المخصصة لعبادة رأس المال افتتاحية تتحدث عن تفاهة مقاطعة إسرائيل وعن ضرورة التطبيع الاقتصادي. في المقابل، هناك أقلية من الشجعان العرب، الذين لا يكترثون لمصالحهم الشخصية حين يتعلق الأمر بالمواقف المبدئية. الزميلة أمل سعد مثال عنهم. فقد عاندت أخيراً، وحدها، كلية الدراسات في حلف الناتو، التي كانت قد وجّهت إليها دعوة للمشاركة في مؤتمر قد يشارك فيه إسرائيليون. وعندما رفضت الزميلة إلقاء محاضرتها بوجود إسرائيليين في القاعة احتراماً لمبادئها ولقانون المقاطعة اللبناني، عرضت عليها مسؤولة المؤتمر التواطؤ معها لانتهاك القانون اللبناني عبر ضمان سرية اللقاءات!
يجدر الذكر هنا أن الزميلة، التي سبق لها أن خسرت وظيفتين رفضت فيهما التخلي عن مبادئها، لم تجد من يدعم موقفها في لبنان، حتى ضمن الصحافة الممانعة، ولم ينشر هذا الخبر إلا في جريدة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية!
من الواضح أن هنالك ضرورة لرصّ الصفوف حول المقاطعة، ولكننا لا نستطيع إلقاء مسؤولية إدارة نضالنا على أكتاف آخرين أصبحوا وكأنهم يحرصون على قضيتنا أكثر منا.