صور ــ آمال خليلوكان الصليبيون قد شيّدوا البرج بهدف مراقبة المدينة والبحر في الفترة الممتدة بين القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، خلال حملاتهم على الشرق. وكان يشار إليه بـ«برج الجزائريين» نسبة إلى الجنود المرتزقة الجزائريين الذين استعان بهم الصليبيون في حروبهم، وكانوا موجودين في البرج. ويشير بدوي إلى أنّ التنقيب والمكتشفات أظهرت وجود طبقات أثرية بني فوقها البرج تعود إلى العصور البيزنطية، منها قناة للمياه وغرف مختلفة الأنواع. وتشير المعطيات إلى أن الموقع كان تابعاً للقلعة البحرية البعيدة عنه أمتاراً معدودة. ولكن يكشف البرج أسراره الأخرى وخاصة أن ما اكتشف له توابع أخرى تقع تحت الأبنية المحيطة بالبرج، التي بنيت عشوائياً وطمست معالمها. وهنا تجدر الإشارة إلى أن شبكة الأبراج الصليبية العسكرية قد تكون اكتملت باكتشاف برج الجزائريين الذي سبقه اكتشاف أبراج عين حيرام وعين صور والبرج الصليبي الواقعة في زوايا متقابلة في المدينة. وترى المديرية أن معرفة مكان البرج تكفي حالياً، ويمكن الحفاظ عليه تحت الردم ونبشه مجدداً لاحقاً.
لكن، بسبب أهمية المكتشَف التاريخية، قررت المديرية العامة للآثار استملاك العقار ووضعه بتصرفها، وفي انتظار صرف الأموال والموافقة على قرار الاستملاك، طوّق الموقع بسياج ريثما يصار إلى ردمه لحمايته من محاولات سرقة بعض أجزائه أو تخريبه.
إلا أن ضعف الموارد البشرية والمالية يجعل المديرية غير قادرة على المباشرة بتطوير المواقع المكتشفة تباعاً واستكمال عمليات التنقيب في محيطها وربطها بالمواقع الأثرية الأخرى المعتمدة في المدينة. ويشير بدوي إلى أن الاستراتيجية المتّبعة حتى «تحسّن الأحوال العامة» وانفراج الأزمة المالية لدى المديرية هي «تغطية الموقع وردمه بدلاً من تركه مكشوفاً أمام العامّة أو إزالته».
إشارة إلى أن معظم المواقع التي استملكت وردمت للحفاظ عليها تُستخدَم منذ ذلك الحين مرأباً للسيارات، ويؤكد بدوي أن ذلك لن «يؤثر على المخزون الأثري» الذي عاد إلى الدفن بعدما أبصر النور لأيام معدودة!