«أكره المرآة» كلمة تردّدها معظم الصبايا، فالجمال يقاس اليوم بخصر منحوت يحلمن به ويسعين إليه، وإن كانت أدوية الريجيم السبيل الوحيد لتحقيقه
مايا ياغي
حين تيأس الشابة من محاولتها مجاراة المعايير الجمالية المعمّمة وتعجز عن فقدان بعض الوزن حتى تعتبر «جميلة» بنظر شبان جيلها، تلجأ إلى الملاذ الأخير، الحل السحري المعلّب الذي يتم تسويقه بكثافة، ويفيد التجار بالملايين: الدواء المنحّف. عقار «سحري»، مهما كانت الشركة المنتجة له، يقدّم عرضاً مغرياً تجوز المجازفة من أجله، والتغاضي عن بعض التردد في قرار تعاطيه. فهو يعد الفتاة بأن يفقدها أكثر من ستة كيلوغرامات من وزنها شهرياً. لكنّ السعر، على عكس العرض، ليس مغرياً: فثمن العلبة الواحدة يقارب المئة دولار. رغم ذلك، ستشتريه، لأنها «وصلت معي لحدّ اليأس. صرت أكره شكلي، وأكره الناس. جرّبت أكتر من اختصاصية تغذية وما مشي الحال»، كما تقول إحداهن، بوجهها الجميل الذي ضاق ذرعاً بالتعليقات على جسمها الممتلئ.
يروي علي، صاحب إحدى الصيدليات، أن إقبال الشابات على شراء هذا النوع من الأدوية أصبح كبيراً، بخلاف الرجال الذين قلّما يعيبهم شكلهم، فحتى الكرش برّره المجتمع لهم بوصفه «كرش الوجاهة».

يئست وصرت أكره شكلي وأكره الناس
أحياناً تكون ردة الفعل على السمنة بالتصالح معها. منتهى، مثلاً، لا تهتم بشكلها الخارجي، وهي متزوجة حديثاً وعندها طفلة واحدة، ووزنها الزائد لا يزعجها لأن «زوجي هيك بدّو، مع أني كنت «موديل» فعلاً واللي بيعرفني قبل، ما بيعرفني هلق»، كما تقول، مضيفة «لست مضطرة لأي ريجيم، يعني الصحة نعمة، والحمد لله ما عندي أمراض».
إلا أنه، بعيداً عن المتفلتات من النسق الجمالي الموحد، واللواتي يكدن يشكّلن استثناء، هناك حالات كثيرة تصبح فيها السمنة بالنسبة إلى الصبايا عيباً يفقدهنّ الثقة بأنفسهنّ، ما يدفعهنّ نحو الحلول السريعة كشراء الأدوية والأعشاب المنحّفة، مهما كانت عواقبها الصحية. اختصاصية التغذية، حوراء شمس الدين، ترى أن الأدوية المتوافرة في الصيدليات هي فعلاً من النوع المؤذي، لأنها «تؤثر على هرمونات الجسم، وبالتالي، تشكّل خطراً على المرأة. أما الأنواع الأخرى، كالأعشاب المليّنة والشاي وما إلى هنالك، فقد تؤدي إلى بعض الإشكالات، ولكن تأثيراتها محمولة إلى حدّ ما كالدوخة وفقر الدم أو نقص الماء بالجسم، فهذه الأدوية غالياً ما تعمل على إنقاص الماء من جسم الفتاة من دون إنقاص نسبة كبيرة من الدهون، وهذا ما يجعلها تنحف بسرعة، ولكن سرعان ما تعود إلى مشكلتها مجدداً»، كما تشرح.
في ظل عدم وجود رقابة على الأدوية وعملية البيع المتاح لكل الأعمار، قد تتعرض صحة الكثير من الفتيات للخطر نتيجة انصياعهنّ لمعايير الجمال الموحدة وتوقهنّ لتحقيقها. فعمر التهوّر وحب الظهور قد يدفعان الفتاة لفعل أي شيء، وإن كلّفها ذلك الإضرار بصحتها. فمشكلة السمنة قد تكون في الأساس عضوية، كخلل في الهرمونات أو كسل في عضو ما. والتسرّع في اللجوء إلى الدواء من دون استشارة طبية، يكون من أسهل الحلول وأكثرها ضرراً لأن الموضوع أصبح تجارة لا معالجة، وخصوصاً أن المضاعفات والتأثيرات الجانبية قد تكون مشاكل أكبر وأصعب بكثير من مشكلة السمنة بحد ذاتها.