محمد نزالفي خضمّ الحرب الأهلية، وتحديداً عام 1987، قرر أفراد من «عصابة مافيا» القيام بعملية سلب مسلح. كانت المافيا تتألف من 9 أشخاص من مناطق مختلفة، وقد وضعوا خطة محكمة، وحددوا الهدف. اختاروا سيارة تنقل مبلغ 300 ألف دولار أميركي لحساب إحدى المؤسسات المصرفية، تنطلق من جسر المدفون إلى مركز المؤسسة في الأشرفية. أما «نقطة الإطباق» فكانت قرب جسر الكرنتينا. أحد أفراد المجموعة كان يعمل في المؤسسة صاحبة المال، وكان قد أعلم بقية الأفراد بالمعلومات اللازمة لتنفيذ العملية، فيما تولى آخر تأمين السلاح للتنفيذ. أما سعيد (اسم مستعار) فكانت مهمته إحضار سيارة للاستفادة منها في التنفيذ والهرب.
نُفّذت العملية بنجاح. أُحرقت السيارة المستعملة بعد ذلك، بغية عدم ترك أدلة. لكن، بعد أشهر تمكنت القوى الأمنية من توقيف سعيد، وباشرت التحقيق معه. أُخلي سبيله بعد 9 أشهر من التوقيف، إلى أن صدر بحقه حكم غيابي عام 1996... بعد 12 عاماً أوقف سعيد «غيابياً للمحاكمة»، لأنه ظلّ متوارياً عن الأنظار، بحسب نصّ الحكم الصادر عن
المحكمة.
حُكم على 6 من أفراد المجموعة المسلحة، كل على حدة، فيما لم تصدر أحكام بحق الثلاثة الباقين، إذ «لم يتوصل التحقيق إلى معرفة كامل هوياتهم»، بحسب نص المحكمة.

لم تصدر أحكام بحقّ ثلاثة من أفراد العصابة إذ «لم يتوصل التحقيق إلى معرفة كامل هوياتهم»
في التحقيقات التي أجريت مع سعيد إبان توقيفه، أنكر ما أسند إليه من تهم. ذكر في إفادته أنه اشترى السيارة من أحد أفراد العصابة، وأن الأخير نظّم لأمره وكالة بيع، وقال إنه انتقل بالسيارة إلى منطقة سن الفيل، وفي اليوم التالي جاءه صاحب السيارة الأول، فأعاد له المال واستعاد السيارة. في تحقيق لاحق، اعترف سعيد بأنه «أُجبر على قيادة السيارة إلى مكان تنفيذ عملية السلب في الكرنتينا». لكن، ثبت للمحكمة أن المتهم أقدم على تأمين السيارة بناءً على طلب أحد أفراد العصابة مقابل مبلغ من المال، مع علمه المسبق بالغاية الجرمية، وتبيّن بعد التحقيقات، أن السيارة كانت مسروقة.
أخيراً، حكمت محكمة الجنايات في بيروت، برئاسة القاضي حاتم ماضي، وعضوية المستشارين كارول غنطوس وهاني الحبّال، بتجريم سعيد بالجناية المنصوص عليها في المادة 638 من قانون العقوبات، أي بإنزال عقوبة الأشغال الشاقه المؤقته به لمدة 3 سنوات، وبخفضها إلى 6 أشهر، وذلك عملاً بأحكام المادة الرابعة من قانون العفو الصادر في عام 1991، لكون الجناية مقترفة قبل هذا التاريخ. كذلك، أشار الحكم إلى استرداد جميع المذكرات بما فيها مذكرة إلقاء القبض، باعتبار أن مدة التوقيف الاحتياطي للمتهم قد فاقت مدة الحكم. يشار إلى أن الحكم تضمّن إلزام المتهم بدفع مبلغ 5 ملايين ليرة لبنانية، بدل عطل وضرر لصاحب المؤسسة مالكة المال، والذي كان قد اتخذ صفة الادّعاء
الشخصي.
صدر الحكم غيابياً بحق المتهم، وبمثابة الوجاهي بحق المدّعي، وقد أُعطي وأفهم علناً بحضور ممثل النيابة العامة في
بيروت.