طرابلس ــ فريد بو فرنسيس عندما دخلنا ملعب مدرسة البنات الأولى الرسمية في الميناء، كانت مجموعة من الطالبات الصغيرات قد أنهت يومها الأول من الدراسة، وتودّ الانصراف. هكذا، تراهنّ يتحايلن على بركة من المياه الآسنة وسط الملعب، محاولات تخطّيها من دون أن يدُسن فيها ويلوّثن أحذيتهن. الروائح الكريهة منتشرة في أرجاء المدرسة بطريقة لافتة، ومياه مجاري الصرف الصحي تقذف أوساخها إلى أرض الملعب. عند مدخل مدينة الميناء من جهة شارع المئتين، وخلف الأبنية الظاهرة على الطريق العام تقع مدرسة البنات الرسمية الأولى، لكنك لا تلاحظها من الطريق العام، ويلزمك قطع مسافة خمسين متراً لتصل إليها. هذا المدخل الضيّق المؤدي إليها

رفعت مجالس الأهل في الشمال وإدارة المدرسة الصوت لتفادي الخطر الصحي
مليء بالحفر، التي تنشر غبارها في فترة الجفاف، وتتحوّل إلى وحول في فترات المطر، إضافةً إلى النفايات المنوّعة المرمية عشوائياً على جوانبها، وفي اليوم الأول من بداية العام، رفعت مجالس الأهل في الشمال وإدارة المدرسة الصوت لتفادي الخطر الصحي الذي بات يقترب، باتجاه بلدية الميناء.
“منذ أكثر من ثلاث سنوات، بعد تحويل الثانوية العربية إلى مدرسة البنات الأولى الرسمية، ونحن نعاني مشكلةً مزمنة”، تقول فاطمة سنوسي رئيسة مجلس الأهل في المدرسة، مضيفة: “الطريق المؤدّي إليها ضيق ومليء بالحفر والأوحال، وتعبره الطالبات يومياً”، تقول، ثمّ تشير “إلى الخطر الثاني الذي يتهدّد الطالبات مباشرةً جراء المياه الآسنة التي تجتاح أرض الملعب، كما أنه يهدّد مبنى المدرسة أيضاً لأن المياه الآسنة تتسرّب إلى الطوابق السفلى، وخاصةً إلى المسرح”.
“بلدية الميناء كانت ترسل آلة لسحب المياه الآسنة من المدرسة كل فترة، بعدما تتلقّى اتصالاً من الإدارة، وهذا حلّ مؤقت، ونحن اليوم نطالب بحل جذري” كما قالت سنوسي، مبديةً قلقاً كبيراً حيال ما يمكن أن ينتج من مضاعفات صحية على الطفلات “نتيجة المياه الآسنة التي يسبح فيها الملعب، وخاصةً مع التحذيرات المتشدّدة بشأن موضوع النظافة كأفضل الطرق للوقاية من مرض أنفلونزا الخنازير”.

بلدية الميناء كانت ترسل آلة لسحب المياه الآسنة من المدرسة
يعود سبب المشكلة إلى تضاعف عدد الأبنية الجديدة المحيطة بالمدرسة، التي شيّدت لاحقاً، وقد جرى وصل مياه الصرف الصحي العائدة إليها، بمجاري المدرسة وأقنيتها التي لم تعد تستوعب الضخ الكبير، فنتج منه هذا الطوفان، الذي يقذف بمياهه إلى أرض الملعب، متسبّباً بخطر صحي جسيم على أكثر من 800 طالب ومئة أستاذ ومعلّمة موجودين في المدرسة.
عطية تحدّث إلى “الأخبار” مبدياً قلقه حيال ما وصفه بالتعدي الفاضح على المدرسة “إن مشكلة اجتياح مياه الصرف الصحي التابعة للأبنية المجاورة، أمر مرفوض ومعيب ويهدّد سلامة الطالبات، وخاصة الصغيرات منهن، بأمراض الحسّاسية والربو، إضافة إلى ما تيسّر من الفيروسات السارية الموسمية”. وهو إذ أمل أن تعالج هذه القضية بسرعة، تخوّف من أن تتكرر تجربة السنة الماضية، حيث “نُقل العديد من الطالبات إلى المستشفيات، وخاصةً الطفلات منهن، نتيجة المياه الآسنة والروائح الكريهة”.


مساعٍ لدى البلدية

توجّهت الإدارة والطالبات عبر مجالس الأهل إلى بلدية الميناء للمطالبة بحلّ هذه المشكلة المزمنة. وقد التقى رئيس البلدية عبد القادر علم الدين وفداً منهم، وتحدّث باسمهم رئيس مجلس الأهل في الشمال عبد الحميد عطية، الذي عرض للمشكلة الحاصلة وقال “نأمل أن يُحلّ الموضوع جذرياً للانتهاء من هذه المشكلة إلى غير رجعة، وطالبنا البلدية باتخاذ إجراءات حازمة، لا حلٍّ جزئيّ، لأن الخطر على الطالبات يكمن بعد المعالجة الجزئية، نتيجة الترسبات والأوساخ والفضلات التي تترسّب في الأرض، وتسبّب الأمراض”. وقد وعدهم رئيس البلدية بمتابعة الموضوع وحلّه في أسرع وقت ممكن.