عمر نشابة«لن أقبل على الإطلاق بأن يقارن جيش الدفاع الإسرائيلي بالإرهابيين بقدر ما لن أقبل بأن يقارن القتل المتعمّد بالقتل عن طريق الخطأ». قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيفي ليفني، في جامعة يايل الأميركية العريقة، تعليقاً على تقرير غولدستون الأممي الذي يعدّد الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة. وأضافت ليفني، التي كرّمتها الجامعة عبر منحها أرفع جائزة تقدّمها يايل إلى زائر أجنبي، أن «جيش الدفاع الإسرائيلي هو جيش أخلاقي، وأن الجنود الإسرائيليين يخاطرون بحياتهم يومياً من أجل تجنّب إيذاء المدنيين».
لم تذكر ليفني عدد الضحايا ولا حجم الدمار في غزّة وجوارها، فتلك المعلومات منشورة في تقرير غولدستون، وبطبيعة الحال لن تبادر الوزيرة الإسرائيلية إلى تكرارها، لكنها قاربت الموضوع عبر قياس النيّة. فبكلمات أخرى أرادت ليفني القول إن قتل شخص واحد عن سابق تصوّر وتصميم يستحق إدانة أشدّ من قتل آلاف البشر وقصف المدارس والمستشفيات وسيارات الإسعاف «عن طريق الخطأ». وبهذه الطريقة نجحت المسؤولة الصهيونية في إخضاع خلاصات تقرير غولدستون لامتحان النيّات بعد تركيزها على «إرادة إسرائيل في تحقيق السلام»، ما قد يعرّض غولدستون نفسه وأعضاء فريقه للاتهام بسوء النيّة بحقّ «شعب الله المختار» الذي نجا من الهولوكوست.
أسهمت ليفني في عملية التخفيف من وقع تقرير غولدستون. ورغم فضيحة طلب تأجيل سلطة محمود عبّاس بحث التقرير في مجلس حقوق الإنسان، فإن ذلك ما كان إلا ليوفّر على إدارة البيت الأبيض بعض عناء الجهود الدبلوماسية لإجهاض المساعي لتحقيق العدالة الدولية، إذ يفترض أن يحيل مجلس حقوق الإنسان التقرير إلى مجلس الأمن، تمهيداً لاتخاذ هذا الأخير قراراً بإحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. لكن هل من القرّاء من يعتقد جدّياً أن مندوب الولايات المتحدة في مجلس الأمن سيتردّد في رفع راية الفيتو أثناء التصويت على القرار؟