رامي زريقرفرف العلم الإسرائيلي في إمارة أبو ظبي. لم يرفرف عالياً، ولكنّه كان واضحاً بما فيه الكفاية لنشاهده في صور الصحافة وعلى شاشاتها، وخلفه مندوبان إسرائيليان يبتسمان للعرب، أتيا ليمثلا الكيان الغاصب الذي لا يزال، ولو على الورق، العدو القومي. كانت المناسبة تافهة، مما يزيد من مأساوية الموقف: اجتماع عادي لإحدى لجان الوكالة الوطنية للطاقة المتجدّدة، وهي وكالة لا وزن لها، إن كان على الصعيد السياسي الدولي أو الاقتصادي. تقع هذه الحادثة في صلب الحملة الدولية لدفع البلدان العربية نحو تطبيع اقتصادي وأكاديمي مع إسرائيل، يمثّل رأس حربة استراتيجية رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو الذي يطلب، بتشجيع من الرئيس الأميركي، كل يوم، مزيداً من التنازلات من العرب، لكي يبدأ بالتفكير بتخفيف امتداد المستعمرات العشوائية على أرض فلسطين. وقد تُوّج هذا التوجّه في لقاء باريس المتوسّطي في تمّوز الماضي حين جلس ملوك العرب ورؤساؤهم مسحورين يستمعون إلى رئيس وزراء العدو السابق (الفاسد والمرتشي) إيهود أولمرت يخطّط لهم مستقبلهم ويعرض عليهم سرقة مياههم في مقابل... لا شيء. صفّق له حينها العرب كما يفعل التلامذة المهذبون. في الوقت ذاته، نجد القاعدة العربية تتجذّر أكثر وأكثر ونشهد كل يوم نشوء حركات أكثر راديكالية تولد من وحول الحرمان والفقر والخيبة. لسنا بصدد الدخول هنا في تحليل عميق لنفسيات الزعماء العرب وأسباب زحفهم على بطونهم المنتفخة أمام المستعمر السابق والمحتل الآني. وليس من الضروري لفت النظر إلى هشاشة أنمطة ممسوكة بمزيج فريد من نوعه من المال والعنف، إلا أنه يمكن التذكير بكلمة قالها الرفيق عزمي بشارة يوماً: عندما يمشي العار عارياً لا تحصل فضيحة.