يتوقع أن يصل اليوم إلى مطار بيروت، المواطن جوزف سكاف، الذي أطلق خاطفوه في نيجيريا سراحه بعد أسبوعين من الأسر، إثر قبضهم 50 ألف دولار
عكار ــ روبير عبدالله
أسلوب الاختطاف والتفاوض حول صفقة الإفراج عن ابن بلدة رحبة، جوزيف سكاف، طرح أسئلة تتعلق بحال المغتربين في أفريقيا. هكذا بدأت القصة: بعيد انتقال جوزيف إلى مركز عمله بساعات قليلة، حاولت هويدة فهمي زوجته الاتصال فيه، علماً بأنه يعمل موظفاً في شركة نيجيرية منذ سنوات عدة، لكنها لم تفلح. كان مجرد فشل محاولة الاتصال كافياً لإحساسها بوجود خطر شديد يتهدده. ساعات قليلة لاحقة جاءها الجواب عبر اتصال مع «أحدهم» ليخبرها أن زوجها مخطوف. استشعار الخطر هذا لم يأتِ من فراغ، فهويدة كانت تتصل به يومياً أكثر من مرة للاطمئنان إلى أحواله، وهي على علم بأن حوادث الاختطاف تحدث هناك باستمرار وأن تدابير الحماية لا تنفع مع «هؤلاء» لأنهم على ما يبدو «مدعومون» ومنتشرون بكثرة في مناطق نيجيريا.
أعمال الخطف يقوم بها محترفون ومدعومون
يتدخل بسام فهمي، أخو هويدة، لأنه يعمل مع صهره جوزف سكاف في الشركة نفسها، وهو على علم بتفاصيل القضية، وبالتالي بواقع الحياة ومخاطرها في نيجيريا، فيقول: «مهما تحتاط فإن الخطر يبقى موجوداً دائماً». ويوضح أن حوادث جرت مع رجال أعمال، و«كان إلى جانبهم حراس ومرافقون، ومع ذلك تمكنت العصابات من الخطف أو القتل». وبالنسبة إلى جوزف، يقول بسام، إن الشركة التي يعمل فيها هي المستهدفة، وهي شركة أصحابها نيجيريون، ولكنهم من كبار الرأسماليين. وقد سبق أن خطف والد صاحب الشركة، ثم قتل، لأن الشركة رفضت دفع فدية للخاطفين، فأصحاب الرساميل هناك «لا يتعاملون بالعواطف إنهم يفهمون فقط بلغة العقل والمال». وهذا «ما جعلنا قلقين على حياة جوزف. فأعمال الخطف هناك هي نوع من البيزنس يقوم بها محترفون ومدعومون». ويشرح بسام لمخاطبه ما لا يعرفه عن نيجيريا، حيث يعمل منذ مدة طويلة، لعل الشرح يعين على فهم ملابسات الاختطاف: «الناس هناك نوعان إما فوق فوق أو تحت تحت»، وعلى سبيل المثال، الأجّر الشهري للعامل النيجيري مئة دولار، وهو بالكاد يكفيه للطعام. ومن ناحية أخرى هناك أغنياء منطقة دلتا النيجر، التي تضم الولايات الست التي تحتوي المخزون النفطي الأكبر بين الولايات النيجيرية البالغ عددها ستاً وثلاثين ولاية. وهذا التوزيع غير العادل للثروات يجعل عمليات القتل أو الاختطاف تتكرر باستمرار، لذلك نحن نعيش ما يصبح حالة حظر تجوال بعد السادسة مساءً، إذ ما من أحد يجرؤ على الحركة بعد ذلك الوقت». وأردف بسام، أنه «في مثل هذا الجو هناك نوع من الحرب بين الشركات ورجال العصابات. وهؤلاء يختارون أهدافهم بعناية من أجل كسب المال. لذلك ترفض الشركات الدفع حتى لا تصبح أهدافاً مرغوبة لعمليات الاختطاف والابتزاز. وفي هذا السياق وكي نسترجع صهري المخطوف، أمّن منسق التيار الوطني الحر في نيجيريا شربل حبيب المبلغ ليصار إلى تسليمه للخاطفين»، لأن المخطوف قريب من التيار، مع العلم بأن الشركة رفضت أن تدفع باسمها الفدية لكي لا يعود الخاطفون إلى ابتزازها.
تؤكد الوالدة أن أعمال الخطف والابتزاز تحصل هناك باستمرار، «وأنه لولا تدخل الخارجية اللبنانية وتحرك سفيرة لبنان في نيجيريا التي ذهبت بدورها إلى رئيس الجمهورية وقالت له: «نريد جوزف سكاف اليوم قبل الغد». وتضيف الوالدة للدلالة على حرية عمل الخاطفين: «كانوا يتصلون هاتفياً بولدي الثاني بسام في مدينة بنين، وخلال الاتصال كانوا يطلقون النار ليخضع للابتزار ويشعر بالخطر على حياة أخيه». كما أن عمليات الضرب العنيفة التي تعرض لها جوزف، بحسب ما أخبر والدته، تدل على أنهم غير خائفين. ثم جاءت عملية الإفراج لتظهر بجلاء أن لهؤلاء مرجعيات تحميهم، فقد جرى تسليم المبلغ نحو الحادية عشرة ليلاً، ومع ذلك «لم يفرج عن ابني إلا عند الواحدة والنصف فجراً، بعدما ذهبت مجموعة تضم عسكريين وعناصر من التحرّي واسترجعته من دون أي حادث يذكر».