تكريت ــ روبير عبداللهوحدها، بلدة تكريت في عكّار واجهت الحريقَين اللذين اندلعا في أحراجها في اليومين الماضيّين. كأنّ “الجمرة لا تحرق إلّا مكانها”، فقد تُرك أمر إنقاذ الأراضي الزراعية في النخاز الغربي ومار يوحنا لأصحابها ولطوّافة الجيش اللبناني، التي حضرت بعدما استسلم رجال الدفاع المدني. وما زاد الطين بلّة هناك، أن عناصر الدفاع المدني لم يستطيعوا الوصول إلى مكان الحريق، بسبب وعورة طرقات المنطقة، فأهمدوا ما أمكنهم، تاركين الباقي للأهالي. لا يبدو أن أحداً يكترث للمصيبة سوى أصحابها، فعندما تسأل الناس على الطريق العام في المحطة المقابلة للتلال المحترقة عن الدخان المتصاعد، يستغربون السؤال قائلين “فليأتِ أصحاب الأراضي، نحن لا علاقة لنا”. لكن، سرعان ما يتغيّر الجواب عند من وصلت النيران إلى بيوتهم. أحمد الشامي، مثلاً، يخبر كيف بدأ الحريق، المفتعل في رأيه، ويقول: “اشتعلت النيران صباح أول من أمس الساعة السابعة إلّا ربعاً، عندها اتصلت بمركز الدفاع المدني في حلبا، فكان الجواب لا أحد في
اتصل أحد السكان بالدفاع المدني فكان الجواب لا أحد في المركز
المركز”. يضيف الشامي: “لم يأتِ الدفاع المدني قبل الحادية عشرة ظهراً بعدما امتلأت الدنيا بالنار والدخان”. أما البلدية؟ “فلا تهتمّ بشؤوننا”، يقول. ويصف الشامي كيف “اقتربت النار من منازلنا، فصار كل واحد منا مشغولاً بإبعادها عن بيته وبستانه، وسارع بعضنا إلى إبعاد قوارير الغاز من المنازل”. ثم يضيف “أغلقت نوافذ غرفة كبيرة توجد فيها عدة بقرات، أما عمّي، فقد سارع إلى إبعاد سيارته من أمام بيته، وابن عمتي هرّب النحل عنده من القفران بسبب كثرة الدخان ومن شدة الحرارة”. والأسوأ من ذلك، يقول الشامي إنه اتصل في الثامنة من صباح أمس ليعلم الدفاع المدني بتصاعد النيران مجدداً، لكنه حصل على الجواب السابق نفسه: “لا أحد في المركز”. أما رئيس البلدية، مصطفى غيا، فقد كان يتابع من مكتبه أخبار مناقصة تتعلّق بأحد المشاريع. أما عن مواجهة الحريق، فقد ذكر أنه اتصل بقيادة الجيش عبر مركز الاستخبارات في حلبا، وبرّر عدم تدخل البلدية لعدم توافر الإمكانات. من الحوار الذي جرى مع رئيس البلدية، ومن تعابير النقمة التي بدت على وجوه الأهالي هناك، ومن عدم اكتراث السكان في الجهة المقابلة للتلال المحترقة، تبدو حال الناس في تكريت كمن أضاع بوصلة الاهتمام بالشأن العام، فبات كلّ يغني على ليلاه.
من جهة أخرى، أعلنت مديرية التوجيه في الجيش أن «وحدات من الجيش، بالاشتراك مع عناصر الدفاع المدني، وبمؤازرة طوافات تابعة للقوات الجوية، عملت على إخماد حرائق شبت أول من أمس في خراج بلدات عدة في مناطق الجنوب وجبل لبنان والشمال. قدرت المساحات المتضررة بنحو 372 دونماً من الأشجار المثمرة والحرجية والأعشاب اليابسة».