البقاع ــ نقولا أبو رجيلي«إصلاح ما أفسده البعض». تحت هذا العنوان يسعى المجلس البلدي في عين كفرزبد إلى استرجاع حقوق الأهالي في الانتفاع من أراضي خراج البلدة التي تبلغ مساحتها نحو 2400 دونم، والواقعة في سفح السلسلة الشرقية على العقار الرقم 736.
الأهالي خسروا هذه المساحة، التي اكتشفت فيها مغارة طبيعية عام 1992 توازي في جمالها مغارة جعيتا، في إطار «صفقة سريّة غريبة عجيبة»، كما يقول رئيس البلدية روبير سركيس، وذلك قبل استحداث المجلس البلدي فيها. ففي أوائل عام 2004 باع العقار المذكور ورثة مالكيه الأساسيين عبد الله وإبراهيم
أبو خاطر إلى أشقاء النائب نقولا فتوش وذلك «بتواطؤ مختار البلدة السابق (زين الساحلي) الذي حرّر كتاباً ممهوراً بخاتمه الرسمي ومذيّلاً بتواقيع ثلاثة أشخاص من أبناء البلدة، تنازلوا بموجبه عن حقوق أهالي البلدة بالانتفاع من التحطيب والمرعى المثبتة بحكم قضائي صدر منتصف أربعينيات القرن الماضي» يقول سركيس.
رئيس البلدية لا ينكر حق المالكين في حرية التصرف بممتلكاتهم، إلا أنه يستغرب إعطاء المختار السابق براءة ذمة تفيد بأن العقار يخلو من أي أبنية أو منشآت «على الرغم من أنه يحتوي على مزارع عدة لتربية الماشية بنيت جدرانها بأحجارالباطون وسُقفت بألواح الزنك». ويسأل «من أعطى أربعة أشخاص فقط حق التصرف بمصالح الأهالي والأجيال القادمة؟ وفي ظل هذا الوضع، هل يمكن الانتفاع مستقبلاً من نسبة إيرادات استثمار المغارة الطبيعية؟». سؤال له مبرره، وخصوصاً أن سركيس كشف تلقيه عرضاً من «أحد المسؤولين الإداريين (فضّل عدم ذكر اسمه) بتقاضي مبلغ 100 ألف دولار تدفعه الجهة الشارية، مقابل التراجع عن متابعة الدعوى القضائية التي رفعتها البلدية».
من جهته، يرى المختار السابق زين الساحلي أنّ ما قام به لا يخرج عن صلاحياته مع عدم وجود بلدية في حينه. يشرح: «لقد اقتصر دوري على توقيع براءة ذمة تثبت خلوّ مساحة العقار من أية أبنية، وذلك بناءً لطلب آل أبو خاطر». نافياً أن يكون قد تنازل بذلك عن حقوق الأهالي بالانتفاع من التحطيب والمرعى، فبرأيه «هذا أمر لا معنى له، لا سيما أن حكماً قضائياً كان قد صدر عام 1979، قضى بإلغاء مفاعيل الأحكام السابقة (أي الحكم الصادر منتصف الأربعينيات)»، علماً بأن الأهالي تقدّموا آنذاك بشكوى جماعية لنقض الحكم، قُبلت بالشكل، لكنها لا تزال تقبع في أدراج المحاكم.
بدوره، يصف أحد أبناء البلدة الذين وقعوا على كتاب التنازل، وطلب عدم ذكر اسمه، ما جرى بالأمر «الطبيعي والقانوني»، وأنّ توقيعه على ورقة التنازل جاء نتيجة قناعاته بأن «للمالكين مطلق الحرية بالتصرف وبيع أراضيهم لأي جهة يرتؤونها.». لكنه عندما يسأل عن المستفيد من إيرادات المغارة الطبيعية في المستقبل، يقول «ساعتها لكل حادث حديث».
الجدير ذكره في هذا الإطار تأكيد كلّ من سركيس والساحلي أن أهالي البلدة راجعوا في أوقات سابقة، منذ اكتشاف موقع المغارة، وزارة السياحة بشخص الوزير نقولا فتوش، من أجل شق طريق لتسهيل الوصول إليها والعمل على توسيع مدخلها وإنارة سراديبها، وبالتالي إدراجها من ضمن المعالم السياحية في لبنان، إلا أن جميع الوعود بتنفيذ هذا المشروع ذهبت أدراج الرياح.
ورأى سركيس أن المماطلة آنذاك لم تكن سوى «جرعات مهدئة تمهيداً لاستملاك المغارة واستثمارها مستقبلاً، وهذا ما ظهر جلياً بعد شراء أشقاء الوزير فتوش كامل مساحة هذا العقار». أضاف سركيس أن الأخير «استخدم نفوذه ليأتي الحكم لمصلحته في المحكمتين الابتدائية والاستئنافية»، مناشداً القضاء «الحفاظ على حقوق البلدة والبتّ بملف الدعوى التي أصبحت في عهدة محكمة التمييز».