زينب صالح تتشعب اهتمامات شباب عيتا الشعب وخياراتهم لتمضية أوقاتهم بين الكزدورة والعمل والأركيلة واستخدام الإنترنت. لكن في شهر تشرين الأول يختلف الأمر لأنّ قطف الزيتون يصبح الشغل الشاغل لهم. فكلّ عائلة تملك أراضي مليئة بأشجار الزيتون تعمل على قطافها لأنّها تمثّل مصدر الزيت والزيتون اللذين لا يغيبان عن موائد العائلة طيلة العام. لا يقتصر هذا العمل على الشباب المقيمين في القرية، إذ يضطر أبناؤها ممن يسكنون في المدن أيضاً إلى المجيء إليها من أجل مساعدة أهاليهم. هكذا، طلب حسن إجازة لثلاثة أيام من مقر عمله في بيروت ليساعد أمه «التي لا تستطيع الصعود إلى الشجرة وحمل الأكياس الثقيلة الوزن». وتغيبت نور عن الجامعة في أسبوعها الأول لتذهب إلى أرض «المعصى». تقول نور إنّهم أوكلوا قطف الزيتون العام الماضي إلى إحدى العائلات لقاء نصف المحصول «بسبب انشغالنا في الجامعات والمدارس لأن والديّ يشكوان من الديسك فلم تكفنا كمية الزيت والزيتون طيلة العام». تضيف: «لا أريد أن يتكرر ذلك». وكما نور كذلك هادي، يتغيب عن المدرسة أحياناً لمساعدة والديه في القطاف، «المدرسة بتتعوض بس موسم الزيتون لأ»، يقول. يضيف شقيقه: «لدينا حجة جيدة من أجل إقناع الأستاذ بعدم إعطائنا فروضاً بس نقول عنا حواش زيتون بيسكت». ولا يقتصر هدف «الحواش» على تأمين المونة، بل يتعداه إلى أهداف مادية، فأصحاب الأراضي الوافرة العطاء تبيع ما يفيض عن حاجاتها وتدخر مبالغ لا بأس بها. «تنكة الزيتون صارت بـ225 ألف ليرة لبنانية، يعني جزءاً من قسطي في المدرسة الخاصة»، يقول علي ابن الصف الأول الثانوي، الذي يتولى مهمة قطف عشر أشجار من أرض والده رغبة منه في تحصيل مال من جهده الشخصي. يتفق علي مع عمال هم عبارة عن رفاقه الذين لم تنضج محاصيلهم بعد ليساعدوه في القطاف.
للذهاب إلى الحقول متعة كبيرة، يقول البعض، فحسين يجد الجلوس على التراب وتناول طعام الغداء من «الزوادة» التي تعدها أمه في البيت «أحلى من ألف مطعم». وموسم القطاف هو موسم «جمعة» لأفراد الأسرة القادرين جسدياً على الجهد المرتبط بالقطاف. مرتضى يحب العمل على أنغام عتابا جده العجوز الذي يغني له «غنايا أيام زمان التي ترجعني إلى الطفولة». يضيف الشاب أنّه يجتمع في الحقل مع أعمامه وأبنائهم «ونسرد الأحداث المضحكة بعيداً عن الهموم كي نروّح عن أنفسنا». تذهب ريم إلى الحقل على مضض وحياء من إخوتها الصغار الذين يشاركون في القطاف رغم أنّها لا تحب تلطيخ يديها بالزيتون والتراب. تقدم نصائح أساسية إلى من يريد المشاركة في العمل وتخطي مشقته وهي «أن تكون الرفقة كبيرة والزوادة طيبة».