محمد نزالذات صباح، شوهد أربعة شبان ينزلون ركضاً على درج أحد الأبنية، في منطقة نهر بيروت ـــــ شرقي العاصمة. أثار الأمر ريبة الذين شاهدوهم، ولا سيما العمّال في ورشة البناء المجاور. لحظات، وينزل المواطن شيخموس محمد على الدرج نفسه، واضعاً يده على بطنه، والأحمر يلوّن ثيابه. هي دماء تسيل من أنحاء جسده. خارت قواه عند منتصف الدرج، فوقع أرضاً قبل أن يتكلم بشيء. هرع عمّال الورشة المذكورة إلى مساعدته، فاتصلوا على الفور بأحد مراكز الإسعاف. نقل المصاب إلى المستشفى، لكنه ما لبث أن فارق الحياة متأثراً بجراحه.
الجروح التي أصيب بها شيخموس أدّت على ما يبدو إلى وفاته. جروح توزّعت بين الرأس والصدر واليدين، وقد أحدثتها آلة حادة «يحتمل أن تكون قد أدّت إلى تمزّق في الكبد والطحال أو الكلية اليسرى، ما أحدث بالتالي الوفاة». لكن لم يحسم تقرير الطبيب الشرعي سبب الوفاة، واضعاً الأمر في خانة الاحتمالات، ومع ذلك اعتمد التقرير في التحقيق القضائي ثم في المحكمة.
إلزام المتهم بتسليم السكين، تحت طائلة إلزامه دفع ضعفي ثمنه
فتحت القوى الأمنية إثر الحادث تحقيقاً لكشف الملابسات، فخلصت، بحسب نص الحكم الصادر في بيروت، إلى أن «الشبهات حامت حول المتهم عامر (اسم مستعار) باعتباره كان يتردد باستمرار إلى المغدور في غرفته، وكان يحمل معه سكيناً دائماً، كذلك كان يتشاجر في كثير من الأحيان مع شيخموس». معطيات رأت فيها المحكمة سبباً كافياً لاتهام عامر بجريمة قتل «نفّذها بواسطة سكين، بعد أن طعن به المغدور عدّة طعنات بقصد إزهاق روحه، وهذا ما حصل»، معززة رأيها بكون المتهم «من أصحاب السيرة السيّئة، وفي حقه أسبقيات جرمية، وكان ينتحل اسماً مستعاراً». توارى عامر مباشرة عن الأنظار إثر حصول «جريمة القتل التي ارتكبها قصداً»، ولا يزال.
تأيّدت الوقائع المذكورة للمحكمة بالأدلة الآتية: بالادّعاء، بتقرير الطبيب الشرعي، بأقوال الشهود، بفرار المتهم وتواريه عن الأنظار وبمجمل التحقيق.
حكمت محكمة الجنايات في بيروت، برئاسة القاضي حاتم ماضي، وعضوية المستشارين كارول غنطوس وهاني الحبّال، بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة مدة عشرين سنة بحق المتهم، وذلك وفقاً لمنطوق المادة 547 من قانون العقوبات. كذلك حكمت بتجريده من حقوقه المدنية، ومنعه من التصرّف بأمواله المنقولة وغير المنقولة، طالبة تأكيد إنفاذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحقه.
لم تحكم المحكمة لأقارب شيخموس المدّعين بأي تعويضات شخصية، وذلك لتخلّفهم عن الحضور إلى الجلسة الختامية، وذلك سنداً للمادة 249 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
وجاء في نص الحكم، إلزام للمتهم بـ«تسليم السكين المستعمل في الجريمة»، تحت طائلة إلزامه بدفع ضعفي ثمنها، وقد حددت المحكمة ضعفي ثمن السكين بمبلغ 100 ألف ليرة لبنانية.
تجدر الإشارة إلى أن المحكمة رأت في فعل المتهم ما يُمثّل «جناية القتل قصداً»، المنصوص عليها في المادة 547، لا جناية المادة 549 التي تزداد فيها العقوبة، وذلك «لعدم توافر الدليل الكافي على أن الجريمة قد وقعت بعد تصميم وتخطيط لها، بل نتيجة خلاف فوري وشجار أدّى إليها».
صدر الحكم غيابياً، وأُفهم علناً في بيروت بحضور ممثل النيابة العامة.