25% فقط هي نسبة الناجحين في الدورة الثانية في السنتين الأولى والثانية حقوق والأولى سياسة في الفرع الخامس في الجامعة اللبنانية. نسبة يعزوها الطلاب إلى «سياسة ترسيب من جانب الإدارة لتقليص عددنا»، بينما يردّها الأساتذة إلى «تدنّ ملحوظ في المستوى الأكاديمي»
سوزان هاشم
تركض إحدى الطالبات في ملعب كلية الحقوق والعلوم السياسية 5 حيث تُعلن نتائج الدورة الثانية، محاولة اصطياد أحد الأساتذة المارّين، علّها تحصل منه على تفسير لما حلّ بها وبزملائها «من ظلم متعمّد من الأساتذة»، جراء رسوبهم «بالجملة». لا يملك الأستاذ تفسيراً شافياً، فيكتفي بتهدئة روعها وهي تصرخ مرددة «ما بقى بدي اتسجل بالجامعة اللبنانية». فقد أمضت الطالبة عاماً بحاله منكبة على الدرس، وأقدمت على حل أسئلة الامتحانات بسهولة لتتفاجأ بالنتيجة «غير المتوقعة تماماً» كما تقول. غادرت هذه الطالبة الكلية، وبقي زملاؤها مذهولين أمام لوحة إعلان النتائج، وعبارة «ما مشي الحال»، هي الأكثر تداولاً بينهم. إذ إن «نسبة الرسوب سجلت أعلى معدلاتها هذه السنة مقارنة بالأعوام السابقة»، كما يشرح الطالب علي حسين، الذي يصف النتيجة بالـ«مجزرة بحقنا، وهناك سياسة تنتهجها الإدارة لترسيببنا، وبالتالي تخفيف عدد الطلاب في الكلية». يعلّق مجلس الطلاب في الكلية، على لسان ممثله قاسم سلامة على النتيجة قائلاً: «هناك ظلم واضح»، موضحاً أن الإدارة تحاول خفض عدد الطلاب نظراً لضيق سوق العمل وكثافة نسبة متخرجي الكلية، لا سيّما في قسم الحقوق، إذ هناك تخمة في أعداد المحامين. في المقابل، ينفي الأستاذ الجامعي الدكتور عادل خليفة أن تكون هناك سياسة متّبعة من الإدارة لترسيب الطلاب، معتبراً أن «النتيجة تعكس المستوى المتدني الذي وصل إليه الطلاب، لا سيما على صعيد قلة إلمامهم بمواضيع الثقافة العامة، وعدم جديتهم في المثابرة العلمية التي تدل عليها مطالبتهم المستمرة بتقليص حجم المحاضرات المطلوبة»، مردفاً أن «المشكلة تعود في الأساس إلى المناهج الضعيفة التي تتبعها المدارس الرسمية».
المستغرب هو أن الأستاذ نفسه، ما لبث أن خفف عن الطالب الذي اعترضه مستاءً من علامته إذ لم ينل سوى 8/20، بقوله «اي برافو، منيح، يعني 16/20»، قاصداً ضمنياً أنه يحاول تنقيص العلامة للحصول على مستوى أفضل.
لكن، «هل الوسيلة تكون بتشحيل العلامات وتقليصها للحصول على مستوى أفضل؟»، كما يسأل حسن حيدر معقباً على كلام أستاذه. فحيدر مقتنع بأن هناك ظلماً جائراً بحقه، وخصوصاً أنه لم يحالفه الحظ بالنجاح في السنة الثانية حقوق، للسنة الثانية على التوالي لأسباب يراها غامضة. «مستوى الطلاب والمناهج المتبعة في المدرسة الرسمية لم يتغيرا عن السنوات الأخيرة الماضية التي كانت تشهد بدورها نسبة نجاح لا تقلّ عن 40%»، كما يقول الطالب، مشيراً إلى «وجود محسوبيات. فالطلاب البارزون في مجلس الطلاب تمكنوا بسهولة من اجتياز صفوفهم برغم بقائهم الدائم خارج قاعات المحاضرات طيلة أيام السنة».
وإذا كانت مراجعة تصحيح المسابقة تمثّل وميض أمل بالنسبة للطلاب الراسبين، إلا أن «حتى هذا الوميض يبدو معدوماً في كلية الفرع الخامس»، على حد تعبير الطلاب الذين يجمعون على أن «الإدارة لم تسمح لنا بالتقدم بطلب مراجعة المسابقات محملةً إيانا تنيجة الرسوب». هذا ما حصل مع سحر التي طُردت من باب الإدارة لدى محاولتها مقابلة المديرة، علّها تحصل من خلال مراجعتها على العلامات الأربع التي ضاعت من رصيدها مسببة رسوبها، وخصوصاً أنها على يقين بأنها «عملت كتير منيح بالامتحانات»، كذلك الأمر بالنسبة إلى شربل الذي تبدد أمله الأخير بالنجاح، بعد رفض الإدارة طلبه بالمراجعة.


إلى الجامعة الخاصة در

بعدما أوصدت جميع الأبواب بوجه الطلاب الراسبين، سوى باب الاضطرار لإعادة السنة الدراسية التي سبق أن خاضوها، ولأنه، بحسب تعبير أحدهم، الطالب حسن طرابلسي «الجامعة اللبنانية فقدت مصداقيتها بالنسبة إلى معظم الطلاب»، لم يبقَ أمام هؤلاء سوى محاولة الالتحاق بجامعة خاصة، وقد أصبحت بمثابة خشبة الخلاص بالنسبة لميسوري الحال منهم، إذ يشير طرابلسي إلى أن النجاح في الكلية بات «لغزاً يصعب فك شيفرته»، ما يدفعه إلى بحث إمكانية اللجوء إلى «أرخص جامعة خاصة»، خوفاً من ضياع سنوات أخرى عليه. أما بالنسبة إلى «يللي حالتهم على قدهم»، كما تصف الطالبة مي صفي الدين حالها، فهم مضطرون إلى «إعادة السنة وأن نتكل على الحظ العام المقبل».