يحفل الموسم الثقافي الجديد في «مؤسسة سمير قصير» هذا العام بنشاطات متعددة. أولها، كان عرض أفلام طالبية في مقر المؤسسة في الأشرفية
محمد محسن
هل أنا مع الإعدام أم ضده؟ سؤال شائك طرحته الطالبة ليا بندلي على نفسها، قبل فترة من إعداد فيلم تخرّجها. ولمَ لا؟ فلتكن الإجابة عبر فيلم التخرّج. مضت ليا في مشروعها وبدأت بالتفتيش عن المواد الأرشيفية المتعلّقة بقصص المشانق والإعدام. لكن، خلال بحثها، اصطدمت بقصة السجين الفلسطيني يوسف شعبان، الذي كان محكوماً بالإعدام (قبل أن يخرج من السجن بعفو رئاسي). تحوّلت بوصلة بحثها، فأصبح الإعدام باباً للحديث عن قصة يوسف شعبان. هكذا، وخلال إطلاق مؤسسة سمير قصير للموسم الجديد من نشاطاتها الثقافية، عرضت ليا مع زميلين لها، أفلام تخرجهم. أول من أمس، في شارع هادئ في الأشرفية حيث مركز المؤسسة، ملأ المشاهدون قاعة العرض الصغيرة. بدأ فيلم ليا «حكم مبرم» بعرض صور آخر إعدام مصوّر في لبنان، وتحديداً في منطقة طبرجا في عام 1998. أشاح كثر بوجوههم عن المشهد القاسي. ولكن، بعد المشاهد القاسية، نجحت ليا في استعطافهم تجاه قصة شعبان، وخصوصاً من خلال ما عرضته من مشاهد مؤثرة تحدّثت فيها زوجته ووالدته وابنته، وزاد من التعاطف، إثبات براءة شعبان بالأدّلة القضائية. هكذا وصلت ليا إلى إجابة لسؤالها «أنا ضد الإعدام» قالت ذلك مستشهدةً بإحصاء يبيّن أن عدد الذين طبق بحقهم حكم الإعدام، متساوٍ طائفياً بين المسلمين والمسيحيين على قاعدة «6 و6 مكرر». بعد فيلم «حكم مبرم» المحزن، استطاعت المخرجة الشابة كارين صافي نقل الحاضرين إلى أجواء من الضحك، عبر فيلم نقدي ساخر بعنوان مغر «viva Monalisa». يدخل الفيلم إلى تفاصيل دقيقة في نسيج المجتمع اللبناني: رجل الدين الكاذب، بعض العادات التي تمارس في

هكذا يكذّب اللبنانيون ثم يصدّقون الكذبة
الخفاء، تقديس الأشخاص والمصالح، وتفاصيل أخرى. وتدور أحداث القصة في إحدى القرى اللبنانية، أمّا محورها؟ فالقديسة موناليزا. جاءت قصة هذه القديسة من مغترب لبناني أخبر أهله في رسالة أرسلها إليهم، أنّه سيجلب معه أيقونة لموناليزا التي تجلب الرزق! فما كان من المجتمع القروي إلا أن حوّل لوحة دافنشي إلى صورة لقديسة بات يرجو تحقيق مطالبه متضرعاً أمامها. هكذا يكذّب اللبنانيون، لكنّهم لا يلبثون أن يصدّقوا كذباتهم. كان استعمال كارين نشيد الأممية مرافقاً لمشاهد الصلاة داخل الكنيسة لافتاً، بررته قائلة «إن لكل مقدساته، والمقدس نسبي، فلا يمكن أياً كان فرض رأيه على الآخر». عرض الفيلم الثالث «أصوات معلّقة» للطالبة رنا معلّم مشاهد تمثيلية لعائلة، تستمع يومياً إلى الكاسيتات التي كان يرسلها الوالد المحتجز في أحد المعتقلات الإسرائيلية، موضحةً كيف يفرّق الاحتلال شمل العائلة. وفي تصريح لـ«الأخبار» حدّدت مديرة النشاطات، سهى منسّى، معايير قبول الأفلام، على أساس التميّز والتنويع بين الجامعات قدر الإمكان.
يأتي عرض هذه الأفلام في إطار موسم جديد للأنشطة الثقافية تطلقه مؤسسة سمير قصير، مدى الأشهر المقبلة. ويحفل الموسم ببرامج مختلفة شهرياً، أبرزها عرض أفلام طلابية، وحفلات موسيقية شرقية كرباعيات الخيّام الإيرانية، ومناقشة الأوضاع الثقافية في بلدان عربية متعددة.