الحرب الشعواء على يساري أردني
تعليقاً على موضوع «يساري أردني... ممنوع في عمّان» لأحمد الزعتري («الأخبار»، 20/10/2009):
لقد نجح السيد أحمد الزعتري بإقناعنا بأنه طرف أساسي في المعركة، وليس محايداً. فهو يتساءل بكل براءة: «كيف تنمو الأفكار المغايرة في ثقافتنا كالفطر المسموم؟»... هل حقاً الأفكار المغايرة فطر مسموم؟ هنا تبرز الحيادية والموقف المسبق!!
يعرض التقرير رأي دائرة المطبوعات والنشر، ثم رأي الكاتب نفسه، ولا مانع من التساؤل عن «ذكاء الأنظمة العربية». فالتقرير سينشر في صحيفة الأخبار (صحيفة معارضة ذات توجه يساري) عدة الشغل تستلزم ذلك!
ثم يكمل ويطمئن إلى رد فعل المثقفين الأردنيين. عدم «العنصرية» يقتضي أن يأخذ برأي مثقف أردني ـــــ أردني وآخر أردني من أصل فلسطيني! وبذلك ينتهي المولد ويصبح التقرير أرض ـــــ جو وعابراً للقارات والعنصرية!
الطريف في الأمر أن الكل مع «حرية الكاتب ولكن!».
فالأول، أي الصديق موفق محادين (أردني ـــــ أردني)، مفكّر يساري لا يتوانى عن الهروب إلى الأمام ويتهم الكاتب بأنه «وطني من جهة، وإقليمي من جهة ثانية، وطائفي من جهة ثالثة». وكل ذلك يقع في دائرة النفاق للطرف الآخر والتنصل من المسؤولية الأخلاقية والتخاذل في الدفاع عن رفيق الدرب. وفي هذا السياق، أذكّر الصديق محادين بكتابه الصادر في الثمانينيات «بيبلوغرافيا الأحزاب الأردنية» الذي وصف تنظيم «الحركة الشعبية الأردنية»، التنظيم الذي أسسه وقاده بأنه تنظيم لا يقبل إلا الأردنيين من أصل أردني فقط(!) ويبرر ذلك بأنّه رد فعل طبيعي على حركة فتح.
الثاني: موسى برهومه (أردني ـــــ فلسطيني) شاعر سابق، رئيس تحرير الغد و(..) ثم ليبرالي توطيني خجول! ويكتفي بالقول إنه «يختلف مع أطروحات هذا الكاتب الأردني الإشكالي»!
من يعرف شعاب الأردن يدرك بالبداهة أن اختيار الاسمين للحديث عن قضية الكاتب ليس صدفة، بل مقصود ومتعمد لوصف الكاتب بالإقليمي أو الطائفي أو العنصري... لأن أي أردني يدافع عن الأردن تهمته جاهزة: الإقليمية! فما بالك إذا كان مسيحياً؟ إنه بالطبع طائفي!
فمن حق اللبناني أن يكون لبنانياً، فالأصل هو فينيقي، والمصري مصرياً فالأصل هو فرعوني، والفلسطيني فلسطينياً فالأصل هو كنعاني. أما الأردني، فهو فقط عربي! إنه ذلك البدوي المتخلف الذي يركب الجمل ويتوه في الصحراء في انتظار الهجرات ليتطور... أما تاريخ الأنباط والمدينة المنحوتة في الصخر فهي بدعة الإقليميّين!
خلدون غرايبة