كان يُتوقّع أن تحدث أنفلونزا الطيور «وباءً عالمياً». إلا أن أنفلونزا الخنازير هي التي ظهرت وسبّبت «وباءً عالمياً» حقيقياً، وباء هستيريا عالمية لا أنفلونزا. فمَن المستفيد من إرعاب البشر؟
سيلفي سيمون
يعتقد بعض الباحثين أن فيروس الأنفلونزا H1N1، الذي يتضمّن جذوعاً مختلفة للغاية من فيروسات أنفلونزا الخنازير والطيور والأنفلونزا البشرية، مع أن الفيروسات نادراً ما تنتقل من فصيلة حيوانية إلى الإنسان، لا يمكن إلا أن يكون ثمرة تحوير جيني. وقد أعلن الأسترالي أدريان جيبس، وهو أحد مبتكري دواء تاميفلو، أن أبحاثه تشير إلى أن هذا الفيروس قد أفلت من المختبر الذي ابتكره.
ليست المرة الأولى التي تسود فيها مثل حالة الذعر هذه. ففي عام 1976، تفشّى الوباء الأول من أنفلونزا الخنازير في فورت ديكس في نيو جيرسي (الولايات المتحدة) حيث أُصيب 200 جندي بالعدوى وقضى عدد منهم بسببها. وكثيرون هم الذين اعتقدوا (ولا يزالون يعتقدون) أن الفيروس ابتُكر في مختبر عسكري أميركي.
في ذلك الحين، تلقّى الرئيس فورد اللقاح بدعم إعلاني كبير وفّرته له كاميرات التلفزيون الأميركي، ما أدى إلى تلقيح أكثر من 40 مليون شخص. ولكن سرعان ما أُحصيت سبعمئة حالة وفاة، ثلاثون منها «بقيت من دون تفسير» وانتشرت بين المسنّين في الساعات التي تلت التلقيح، وأكثر من 565 حالة شلل من نوع تناذر غيان ــــ باريه، و1300 ردة فعل مختلفة مثل مضاعفات عصبية حادة، وإصابات بداء باركينسون، والتهابات مفصلية وإصابات بمرض التصلب اللويحي. ولم تلبث الحملة التي دامت 10 أسابيع أن عُلِّقت، إلاّ أن قيمة الأضرار كانت قد بلغت 3.5 مليارات دولار.

الجميع نسي تلك الفضيحة!


ليس فيروس أنفلونزا لخنازير أكثر فتكاً من الفيروسات الموسمية التي ألحقت الكثير من الأذى سابقاً
سادت حالة استنفار جديدة في نهاية عام 2004، عندما أكّد منسق برنامج مكافحة الأنفلونزا في منظمة الصحة العالمية، كلاوس ستيجر، في المجلة الأميركية «العلوم»، أن «وباءً عالمياً ناتجاً من أنفلونزا الطيور قد يسبّب مرض 20% من سكان العالم، وأن حوالى 30 مليون شخص قد يحتاجون إلى دخول المستشفيات وربما يموت ربع هذا العدد». أما بالنسبة إلى المدير الإقليمي في منظمة الصحة العالمية شيغيرو أومي، فقد أثار حالة من الذعر بين الشعوب عندما أعلن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2004: «تشير التخمينات الأكثر حذراً إلى وفاة ما بين 7 و10 ملايين شخص، ولكن العدد الأقصى قد يبلغ 50 مليوناً أو حتى 100 مليون في أسوأ السيناريوهات».
في خريف عام 2005، أعاد الكرّةَ المديرُ العام لمنظمة الصحة العالمية وأرعب الشعوب من أنفلونزا الطيور بقوله: «إذا لم يكن أحد قادراً على التنبؤ بالموعد الذي سيضرب فيه المرض، إلاّ أن انتشار فيروس الوباء سريعاً على المستوى العالمي أمر حتميّ فور ظهوره»، ما يمثّل «خطراً كبيراً بالنسبة إلى كل السكان».
عندئذ اكتست مسألة حث الناس على أخذ اللقاح السنوي ضد الأنفلونزا أهمية خاصة، علماً بأن الصندوق الوطني للتأمين الصحي ينصح به منذ عام 1988، فضاعفت وسائل الإعلام جهودها من أجل حض البشر على نيل اللقاح. وقد نجحت العملية تماماً، إذ نفدت كل الكميات المخزنة من اللقاحات المضادة للأنفلونزا، فيما اللافت أن هذه اللقاحات لا تقي من أنفلونزا الطيور، هذا إذا كانت تقي من الأنفلونزا العادية.
في فرنسا، طلب وزير الصحة كزافييه بيرتران عشرات الملايين من اللقاحات المضادة لفيروس أنفلونزا الطيور H5N1 المتحوّل، ومليونَي جرعة من اللقاح الواقي الذي يؤخذ قبل تفشي الوباء العالمي؛ فلم يكن من شأن ذلك إلاّ أن زاد «عجز الضمان الاجتماعي».
ودعا الرئيس جورج بوش بدوره، في تشرين الأول/ أكتوبر، إلى تعبئة عالمية ضد أنفلونزا الطيور معلناً أن مئتي ألف شخص على الأقل سيقضون نحبهم من هذه الأنفلونزا، لكن هذا العدد قد يصل إلى مليونين في الولايات المتحدة وحدها. وطلب من الكونغرس تخصيص مبلغ 7.1 مليارات دولار لمواجهة هذا التهديد.
وكان علماء كثر يتساءلون علناً عن المدى الحقيقي للتهديد الذي يمثّله وباء عالمي بشري جديد من نوع H5N1 متأتٍ من الطيور، وعن صوابية شراء كميات كبيرة جداً من دواء تاميفلو. وقد أعلن بيتر باليز، الاختصاصي في الفيروسات في كلية جبل سيناء للطب في نيويورك، في عدد 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2005 من المجلة الأميركية الجادة للغاية «العلوم»: «أشعر بأن نوعاً من الهستيريا تسود بين الناس في ما يخص مسألة فيروس H5N1».
في تلك الحقبة، كان نفوق إوزّة أو بطة برية يمثّل موضوعاً لتقرير يُبث ضمن نشرات الأخبار التفلزيونية.

صدفة غريبة

يرى عدد من الاختصاصيين في الفيروسات الآن أن ظهور الوباء الحالي في اللحظة نفسها التي اعترفت فيها شركة الأدوية العالمية باكستر بأن لقاحاً تجريبياً قد تلوّث بالفيروس المسؤول عن أنفلونزا الطيور H5N1 هو أمر غريب. وهذا الخليط بين فيروس الأنفلونزا البشرية H3N2 وفيروس أنفلونزا الطيور H5N1، اللذين لم يكونان محدّدَين تحديداً صحيحاً، أُرسل إلى شركة نمساوية بعثت بأجزاء من المزيج إلى شركات متعاقدة معها في الجمهورية التشيكية وسلوفانيا وألمانيا. لحسن الحظ أن الشركة المتعاقدة التشيكية اكتشفت الخطر، فأنذر المختبر الوطني لعلم الجراثيم في كندا منظمة الصحة العالمية. وبحسب وزير الصحة النمساوي ألويس ستوغر، فقد تلوّث 72 كيلو من اللقاحات.
كيف يمكن أن يُدخِل هذا المختبر «عرضاً» الفيوروسَين H5N1 وHN2 ضمن مواد اللقاح، فيما يمثّل خليط الجذوع هذا، الذي يُسمّى إعادة تشكيل جيني، إحدى الوسيلتَين المتاحتَين لإنشاء فيروس يسبّب وباءً عالمياً؟ لا سيما أن المختبر المذكور التزم يمجموعة من البروتوكولات الهادفة إلى تجنب حدوث تلوث عبر اختلاط الفيروسات. باكستر، التي عملت كمنظمة إرهاب بيولوجي بإرسالها فيروسات قاتلة عبر الكرة الأرضية، تملصت من المسألة قائلة ببساطة: «آسفة، لقد وقع خطأ!».
بُذلت جهود حريصة جداً لكي لا يبلغنا أن شركات الأدوية باكستر سبق أن تورطت في عدد من الفضائح الخطيرة. ففي عام 1996، تلوثت مواد مضادة لمرض النعورية، ودائماً «عرضاً» بفيروس نقص المناعة البشرية، وحُقن بها عشرات آلاف الأشخاص. وأخيراً، اكتُشفت مادة ملوِّثة غير محدّدة، مسؤولة عن 19 حالة وفاة في الولايات المتحدة، من دون إحصاء مئات الحوادث الخطيرة، في كميات من عبوات الكبدين في المختبر ذاته. ولم يمنع ذلك بتاتاً منظمة الصحة العالمية من أن تطلب منها صنع لقاح مضاد لفيروس أنفلونزا الخنازير H1N1.
هي ليست المرة الأولى التي تُفلَت فيها فيروسات من أحد المختبرات. ففي عام 2005، ضمّ مصنّع أميركي للمعدات المستخدمة في المختبرات لامتحان قدراتها على اكتشاف الأمراض، قوارير تحوي فيروسات من نوع H2N2 إلى آلاف المعدات. هذا الخطأ الذي اكتشفه أيضاً المختبر الوطني لعلم الجراثيم في كندا قاد سلطات العالم أجمع إلى التأهب لخوض معركة من أجل سحب القوارير التي تحوي الفيروس وإتلافها.
منذ أكثر من 8 سنوات، لم تظهر على فيروس H5N1 بتاتاً أدنى إشارة إلى تحوّله تحولاً يتيح انتقاله بين الثدييات. ويؤكد البروفسور بيتر باليز، رئيس قسم علم الجراثيم في كلية جبل سيناء للطب في نيويورك: «لقد حظي فيروس H5N1 بكل الوقت اللازم ليتحوّل أو ليعيد تشكيل ذاته بالاختلاط مع جينات فيروس أنفلونزا بشرية، ولكن أياً من هذا لم يحدث».
ليس فيروس أنفلونزا الخنازير أكثر فتكاً من الفيروسات الموسمية التي ألحقت الكثير من الأذى في هذه السنوات الأخيرة. ينقصه بروتين معين متوافر في فيروس عام 1918 وفي فيروس أنفلونزا الطيور H5N1 لكي يصبح قاتلاًً مرعباً.

إعادة إحياء فيروس الأنفلونزا الإسبانية

يذكّر هذا الفيروس الجديد بذاك الذي سبّب وباءً عالمياً آخر، يُعرف باسم «الأنفلونزا الإسبانية»، وكان أيضاً من النوع الفرعي H1N1. سنة 2003، أعاد علماء في الجيش الأميركي إحياء فيروس الأنفلونزا الإسبانية في المختبر، علماً بأنه كان قد أدى إلى مصرع ما بين 20 و40 مليون شخص سنة 1918 وفق مختلف التقديرات. وقد أشارت حينها جمعية «سانشاين بروجكت»، وهي منظمة غير حكومية تحاول أن تفرض التقيّد بالمحظورات المتعلقة باستغلال التقنية الإحيائية للاستخدام العسكري، إلى أن جينات عدة من الفيروس الفتاك للغاية من أنفلونزا عام 1918 قد عُزلت وأُدخلت ضمن جذوع من الأنفلونزا المعاصرة. على الرغم من الطبيعة الخطيرة لفيروس عام 1918، بدأت الجهود الرامية إلى إعادة صنعه في أواسط التسعينيات من القرن المنصرم عندما تمكّن الدكتور جيفري توبنبرغر، من معهد علم الأمراض التابع للجيش الأميركي في واشنطن، من استخراج جزيئات الحمض الريبي النووي الفيروسي من أنسجة محفوظة لإحدى ضحايا عام 1918 ومن تحديد تسلسل هذا الحمض.
فبعد أن أُجري، في 21 آذار/ مارس 1997، تحليل نسيج رئوي لجثة مجلّدة تعود إلى شخص قضى بالأنفلونزا سنة 1918 في ألاسكا، نشر الدكتور توبنبرغر، في مجلة «ساينس ماغازين ريبورت»، تقريراً أورد فيه أن فيروس هذا الوباء العالمي كان فيروساً جديداً لأنفلونزا الخنازير تكوّن من اتحاد مع جزيئات من فيروس أنفلونزا الطيور (H5N1) وفيروس أنفلونزا البشر (H3N2) في بنية حمضَيهما الريبيين النوويين نفسيهما (الحمض الريبي النووي هو نسخة جزئية عن الحمض النووي يسمح للجينات بالظهور).
لا بد من القول إن الأنفلونزا الإسبانية، التي لم تملك من الإسبانية إلا الاسم، ظهرت للمرة الأولى عام 1918، في مخيم فورت ريلي العسكري في كنساس (الولايات المتحدة). فقبل أن يقصد أوروبا جنودُ المعسكر الذين أجريت عليهم التجارب، لُقحوا بكثافة ضد الجدري والخانوق والكزاز وداء الكلب والتيفوئيد. ولاحظ الأطباء في تلك المرحلة أن عدداً كبيراً من الجنود قضى مباشرة بعد اللقاحات أو بدت عليهم عوارض الأمراض التي يُفترض أنهم محميون منها.
ولُقح أيضاً المدنيون، وبعد عملية التلقيح الواسعة النطاق ظهر الوباء المسمى الأنفلونزا الإسبانية في الولايات المتحدة، ثم تفشى عبر العالم لأن 20 من آلاف الجنود الذين لُقحوا وفق الأصول عبروا المحيط الأطلسي. نعرف الآن أن 95% من الذين توفوا وقعوا ضحية مرض ذات الرئة، وأن كل هذه الوفيات ما كانت لتحصل لو تفشى هذا الوباء العالمي بعد اكتشاف المضادات الحيوية.

هذا قد يفسّر ذاك

يعيد ذلك إلى الذهن ما جرى في خلال خريف عام 2004. فقد أوحى بعض المنشورات، التي تُسمى طبية، أن مرض جدري الماء مرض خطير ومعدٍ جداً يشغل المراجع الطبية، الأمر الذي كان مغلوطاً تماماً. ومع الوقت، أضحت الأخبار مقلقة أكثر، إذ إن المرض «كان يتطور ويأخذ أشكالاً خطيرة للغاية». وفي الربيع أخيراً، أصبح جدري الماء فجأة مرضاً فتاكاً، يسبب وفاة «حتى أطفال ينعمون بصحة جيدة»، وتضاعفت الحالات تضاعفاً مثيراً جداً للقلق. وقيل عندها إن «فرنسا على شفير الوباء». واضح أن ثمة سبباً مخفياً دفع إلى انتشار هذه التقارير المنذرة بالخطر بذلك الشكل، وأن المختبرات لم تكن بعيدة عن هذه «الأخبار المقلقة».
توضحت الصورة عندما أُعلمنا أن لقاحاً جديداً ضد جدري الماء، وهو فاريفاكس، سوف «يتوافر قريباً».
يبدو أن السيناريو نفسه يتكرر، وأن الشركة المتخصصة في اللقاحات، سانوفي باستور، هي المستفيدة الكبرى من ذلك. في الواقع، في 6 أيار/ مايو 2008، أعلنت سانوفي باستور، في بيان صحافي، أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية قد «أعطت الإذن لوحدتها الجديدة في سويفتواتر في بنسلفانيا بإنتاج اللقاح ضد الأنفلونزا، وهي ستنتج 100 مليون جرعة عندما تعمل بكل طاقتها». وفي 12 أيار/ مايو، علمنا ببناء مصنع جديد بلغت كلفته 350 مليون يورو في نوفيل سور ساون (نهر الرون).
وكان الرئيس الفرنسي، في خلال زيارته الصين في تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، قد وقّع على اتفاقية لبناء مصنع جديد للقاحات المضادة للأنفلونزا في شنزين. وأعاد الكرّة في 9 آذار/ مارس 2009 بالتوقيع على اتفاقية تمثل استثماراً بقيمة 100 مليون يورو من أجل بناء مصنع لإنتاج اللقاحات المضادة للأنفلونزا الموسمية

ماذا حصل مثلاً لأنفلونزا الطيور التي افتُرض بها أن تقتلنا جميعاً؟ لا شيء
وللأنفلونزا المسببة لوباء عالمي في المكسيك. فيما تقتل الأمراض التنفّسية بصمت مئات آلاف الأشخاص سنوياً في مختلف أرجاء العالم، كيف تجرؤ المرجعيات الصحية العالمية على تمثيل هذه المسرحية بشأن وباء عالمي سبّب، حتى تموز/ يوليو 2009، وفاة 806 أشخاص من أصل أكثر من 139800 إصابة في العالم شُفيت الغالبية العظمى منها فجأة، فيما تأكدت، في فرنسا وفي التاريخ نفسه، إصابة 438 شخصاً لم يمت أي منهم؟
في هذه الأثناء، أعلنت منظمة الصحة العالمية، في 11 حزيران/ يونيو 2009، المرحلة السادسة من حالة التأهب القصوى لمواجهة أنفلونزا الخنازير أ(H1N1)، وذكرت مديرتها العامة، الدكتورة مارغريت تشان، أن وباء الأنفلونزا العالمي قد بدأ. يجب ألا ننسى أن مارغريت تشان مسؤولة عن إتلاف 1.5 مليون طائر في آسيا في مرحلة أنفلونزا الطيور التي كانت بعيدة كل البعد عن تشكيل ذلك الخطر الهائل الذي أُعلن عنه.

دواء تاميفلو

كان بيع هذا المضاد للفيروس متعثراً، وها إن العالم أجمع يرغب في اقتنائه بأي ثمن.
وإذا كانت مختبرات روش هي المصنّعة لدواء تاميفلو رسمياً، إلاّ أن شركة جلعاد ساينس هي التي اكتشفت الدواء ومنحت مختبرات روش حقوق تصنيعه وبيعه، علماً بأن دونالد رامسفيلد، الذي ترأس الشركة من 1988 حتى 2001 حين أصبح وزيراً للدفاع، لا يزال يمتلك أسهماً فيها تُقدَّر قيمتها بملايين عدة من الدولارات.
في الوقت الذي تخزّن فيه كل الحكومات أدوية مضادة للفيروسات والملايين من جرعات اللقاحات، أثبتت دراستان نشرتهما مجلة «لانسيت» الطبية أن فعالية هذه العلاجات أدنى بكثير مما اعتُقد، وأكدت تقدم مقاومة الفيروس للأدوية أو اللقاحات المضادة للأنفلونزا. فما من أمر إذاً يسمح بالتنبؤ بفعالية تاميفلو الحقيقية في حال حدوث وباء عالمي. وقد عبّر بعض الاختصاصيين في الفيروسات عن قلقهم حيال ظواهر المقاومة التي يمكن أن تتبيّن عندما يستخدم مئاتُ ملايين البشر هذا الدواءَ المضاد للفيروس.
بالمقابل، إن المخاطر التي يسبّبها الدواء معروفة لأن منظمة «أف دي آس» FDS، المعنية بتزويد الأسر بمعلومات عن الأدوية وآثارها، قد تلقّت أكثر من 1800 تقرير عن مضاعفات الدواء، ومنها عدد من «حالات اضطراب السلوك والهذيان»، والتشنجات، وحالات شلل مثل تناذر غيان ــــ باريه، بالإضافة إلى وفاة 14 مراهقاً نتيجة مشاكل عصبية نفسية.
لقد أوجز الاختصاصي في علم الأوبئة طوم جيفرسون الوضع الحالي على نحو ثاقب في مقابلة أجراها معه الموقع الإلكتروني لمجلة شبيغل بنسختها العالمية في 21 تموز/ يوليو 2009 إذ قال: «أحد أغرب وجوه هذه الأنفلونزا، وكل هذه الخرافة، أن ثمة أشخاصاً يطلقون تنبؤات مقلقة على نحو متزايد كل سنة. لم يتحقق أي منها حتى الآن، ولكن الناس يستمرون في تردادها. فماذا حصل مثلاً لأنفلونزا الطيور التي افتُرض بها أن تقتلنا جميعاً؟ لا شيء. لكن ذلك لم يثبط عزيمتهم، واستمروا بعناد في إطلاق هذه التوقعات. يتكوّن لدينا انطباع أحياناً بأن ثمة قطاعاً صناعياً كاملاً يرغب في انتشار هذا الوباء العالم».
لهذا السبب يبدو من المنطقي أن يخشى المرء اللقاح أكثر من الأنفلونزا.
(عن مجلّة
«بيوكونتاكت، عدد أيلول 2009 ــــ ترجمة جورجيت فرشخ فرنجية)