محمد نزالقبل سنتين، ورد كتاب من وزارة التربية السورية إلى وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان، بواسطة المجلس الأعلى السوري ـــــ اللبناني. طلب الكتاب التأكد من مدى صحة إفادة نجاح المواطنة السورية سهام (اسم مستعار)، وذلك في امتحانات شهادة الثانوية العامة اللبنانية ـــــ فرع علوم الحياة، المنسوب صدورها عن الوزارة المذكورة في لبنان. كذلك، ورد كتاب مماثل من سوريا إلى وزارة الخارجية اللبنانية، فأحالته الأخيرة على وزارة التربية والتعليم العالي، وفيه طلب تأكد مماثل عن صحة إفادة نجاح المواطن السوري ماهر (اسم مستعار) في امتحانات شهادة الثانوية العامة ـــــ فرع الفلسفة.
ردّت دائرة الامتحانات في الوزارة بأنّ إفادتي النجاح المشار إليهما مزوّرتان، وليس فيهما تطابق مع القيود الرسمية. فتحت القوى الأمنية تحقيقاً في الموضوع، فتبيّن لها أن سهام وماهر قد تواريا عن الأنظار ولا يزالان فارّان، ما اضطر المحكمة في بيروت إلى إصدار حكم غيابي بحق كل منها، متثبتة من الوقائع المذكورة بالأدلة الآتية:
طلبت وزارة التربية السورية من نظيرتها اللبنانية التحقق من الموضوع
كتاب وزارة التربية في الجمهورية العربية السورية، الشهادة المزوّرة وإحالتها على الوزارة في لبنان، فرار كل من سهام وماهر وتواريهما عن الأنظار، ومجمل الأدلة.
في القانون، حكمت محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضي حاتم ماضي، وعضوية المستشارين كارول غنطوس وهاني الحبّال، بتجريم المتهمين بجناية المادة 459/460 من قانون العقوبات، أي بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بحقهما لمدة 5 سنوات. كذلك نص الحكم على تجريدهما من حقوقهما المدنية وتأكيد إنفاذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحقهما.
تجدر الإشارة إلى أن بيع الشهادات المزوّرة يكاد يصبح «ظاهرة» في لبنان، نظراً لتواتر الأحكام التي تصدر في هذا الخصوص، فضلاً عمّا يتحدث عنه الناس في هذا الإطار. مثالاً على ذلك، سامر الذي فاته قطار التعلّم في المدرسة، بحسب ما ذكر في حديثه مع «الأخبار»، أفاد بأنّ أحد الأساتذة المدرسين في ثانوية رسمية وعده بتوفير شهادة ثانوية عامة له، مقابل مبلغ من المال، طالباً منه عدم الخوف «لأن لديه معارف وواسطة في الإدارات الرسمية». ينقل سامر عن الأستاذ «المزوِّر» أن هناك «تسعيرة» لكل شهادة، أي 1000 دولار أميركي مقابل شهادة «البروفيه» و2000 دولار مقابل شهادة الثانوية العامة، وأحياناً شهادات جامعية مقابل 5000 دولار. لكن «تختلف هذه التسعيرة بين زبون وآخر». يتحدث سامر، الشاب الثلاثيني، الذي خبر تجربة شراء الشهادات المزوّرة، عن نوعية من «البائعين»، فمنهم من لديه قدرة على تحصيل شهادة رسمية مصدّقة «نظراً لكونه يعمل في الإدارات»، فيما هناك نوع آخر من «البائعين الدجالين» الذين يقدمون شهادات مزوّرة من دون معرفة الشاري بذلك.
من جهتها، أشارت وزيرة التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال، بهية الحريري، إلى موضوع التزوير في حديث لها الشهر الماضي، لافتة إلى أن هناك مشروعاً «سيكون بموجبه لكل تلميذ رقم وطني يرافقه حتى الثانوية العامة، لكي يساعدنا على ضبط الشهادات المزوّرة».