يثبت هاني فرحات صحة معادلة «العشرة بواحد» التي تحوّلت معه إلى «البلدية بواحد». الموظف الذي دخل بلدية باتوليه قبل 44 عاماً، نسي، هو نفسه صفته الأساسية بعدما تولى معظم المهمات البلدية
صور ـ آمال خليل
أمين صندوق، جابٍ وحاجب، هذه هي المهمات التي شغلها هاني فرحات في بلدية باتوليه. نتيجتها الوحيدة كانت ولا تزال: حقوق مهدورة. نتيجة يتساولى فيها فرحات مع معظم موظفي البلديات، حيث أنه لا يمثّل استثناءً لهم إلا ربما، في عدد السنوات التي خدمها.
بدأ مشوار فرحات عام 1966 عندما شارك في امتحان نظمه مجلس الخدمة المدنية لاختيار أمين صندوق في البلدية المستحدَثة في البلدة. التلميذ الفاشل في مادة الحساب في المدرسة نجح «من دون واسطة» كما يؤكد، مع اثنين من زملائه تقدما لشغر وظيفتَي شرطي وكاتب.
سنوات الخدمة الطويلة في البلدية جعلته بالنسبة للكثيرين «الأرشيف الشامل لباتوليه»، وخصوصاً أنه يحتفظ بكلّ الوثائق ومحاضر الجلسات والإيصالات المتعلقة بعمله، بدءاً من إيصال الكفالة المالية التي أودعها في مالية صور قبل استلامه وظيفته، وصولاً إلى إيصالات شراء حاجيات البلدية. 44 عاماً من العمل، لم يشعر خلالها فرحات بتغييرات جذرية. برأيه، رئيس البلدية الأول لباتوليه الذي انتخب عام 1966، يشبه رئيسها الثاني الذي انتخب عام 2004. الرجلان اعتمدا عليه «لأن الأوّل كان يقيم في بيروت طوال فترة ولايته، والثاني منشغل بأعماله الخاصة». حتى عام 1992، كانت كل المهمات ملقاة على «العبد الفقير»، باستثناء وظيفة الكاتب التي شغلها إثر وفاة كاتب البلدية. قبلها، كان قد تولى لسنوات مهمة الشرطي، وذلك بعد استقالة شرطي البلدية بداعي الهجرة. لم تخفّ مهماته إلا بعد انتخاب بلدية جديدة قبل خمس سنوات والاستعانة بموظفين جدد. عندها أصبح لهاني زميلان جديدان هما الشرطي والجابي، إلى جانب ثلاثة عمال تنظيف مياومين.
يعيد فرحات سبب إناطة رئيسَي البلدية معظم المهمات به إلى الرغبة في التوفير، علماً بأن راتبه لم يكن يزيد بزيادة المهمات والأعباء. هذا الأمر دفعه إلى الانتفاض ضد الظلم اللاحق به، وهدر حقوقه التي ينص عليها قانون موظفي الدولة ومنها زيادة الراتب، رفع الدرجة، التعويضات العائلية، المساعدات المدرسية والمرضية والإجازات السنوية والطارئة.
بعدما يئس فرحات من استجابة رئيس البلدية الأول، اشتكاه إلى قائمقام صور الذي «أنصفني وطالبه بإعطائي حقوقي». الشكوى تكرّرت بسبب بقاء الحال على ما هي عليه إلى حين إحالته إلى التقاعد كموظف من الفئة الثالثة قبل أشهر. عندها قبض تعويض نهاية الخدمة من دون لحظ ما فاته من إجازات ومساعدات. وعلى غرار ما حصل مع زملائه، فقد مدّدت البلدية خدمته ووقّعت معه عقداً ليصبح موظفاً متعاقداً يحصل على راتب شهري مقطوع من دون حوافز أخرى. يقر فرحات بأن موظفي البلديات يساهمون في بقاء حالهم المزري على ما هو عليه بسبب ندرة تحركهم المطلبي. التحرّك الوحيد الذي يذكره يعود أكثر من 15 عاماً إلى الوراء، يوم تنادى عدد من الموظفين من بلديات المنطقة للمطالبة بإدخالهم في الضمان الاجتماعي. لكن التحرّك لم ينفذ «بسبب تضعضع معظمنا وسطوة رؤساء البلديات والأحزاب علينا».