عندما ينطق القاضي عن قوس المحكمة، باسم الشعب اللبناني، حكم القانون على الجاني، ويضرب بمطرقته، يوضع القيد على المحكوم، وتفتح أبواب السجون معلنة عن فصل جديد من قصة السجين والسجّان. والفعل نفسه، عند إطلاق مذكرة التوقيف، بانتظار تولد القناعة لدى المحكمة. إنهم نزلاء السجون في لبنان، لقد طالتهم يد العدالة، من هنا نبدأ
أنطوان شكّور*

أولاً: واقع السجون:
في لبنان اثنان وعشرون سجناً وسبع نظارات. أما معهد إصلاح الأحداث في الفنار بإدارة اتحاد حماية الأحداث، ففيه حالياً 35 نزيلاً.
أ ـــــ في جبل لبنان وبيروت:
ـــــ السجن المركزي في رومية: يتألف من سجن المحكومين (المبنى أ)، سجن الموقوفين (المبنى ب والمبنى د)، وسجن الأحداث (المبنى c)، بالإضافة إلى المبنى الأزرق، أي المأوى الاحترازي للمصابين بأمراض نفسية وعصبية وفيه 25 نزيلاً حالياً.
ـــــ سجن نساء بعبدا ـــــ سجن القاصرات في ضهر الباشق ـــــ سجن عاليه ــــ سجن جبيل.
ـــــ سجن نساء في ثكنة بربر الخازن في بيروت.
ب ـــــ في الشمال:
ـــــ سجون طرابلس ـــــ حلبا ـــــ زغرتا ـــــ أميون والبترون.
ج ـــــ في البقاع:
ـــــ سجون زحلة ـــــ جب جنين ـــــ بعلبك ـــــ رأس بعلبك ـــــ راشيا ـــــ إضافة إلى سجن نساء زحلة.
أما نظارات قصور العدل فهي موزعة في بعبدا، بيروت، طرابلس، زحلة، بعلبك، صيدا والنبطية.
إن مباني جميع هذه السجون قديمة العهد، وبعضها قديم جداً. وباستثناء السجن المركزي في رومية فهي متمركزة في ثكنات، ومراكز قوى الأمن الداخلي، وهي بحاجة إلى أشغال يومية تشمل إعادة التأهيل والصيانة، كما أن معظمها يتألف من غرفتين أو ثلاث، ولا توافق المعايير الدولية للسجون.
سجنا زحلة للرجال والنساء بحالة سيئة جداً، وسبق للإدارة أن لزّمت إنشاء سجن للرجال يتسع لما يقارب 350 سجيناً، وكان يجب أن نستلمه منذ ثلاث سنوات، وبسبب نكث المتعهد وإجراء مناقصة جديدة، وأخطاء متبادلة بين الإدارة والمتعهد، لا يزال المبنى في مراحله الأولى، ولا نزال بانتظار تأمين مبلغ حوالى /500.000/ دولار أميركي إضافي في الموازنة لإتمامه. كما وافقت المديرية العامة على أعمال ترميم مبنى نظارة المستشفى الحكومي سابقاً في زحلة ليكون بديلاً من سجن النساء الموجود في إحدى الشقق السكنية القديمة، ومن المنتظر أن ينتهي العمل بعد حوالى شهرين.
وتتم حالياً إجراءات تلزيم مبنيين في السجن المركزي في رومية، الأول لموقوفي فتح الإسلام ومحكوميه، والثاني ليكون قاعة محاكمة لهؤلاء مع مكاتب للقضاة والإداريين.
كانت ولا تزال الجمعيات والمؤسسات اللبنانية والأجنبية تمدنا بالتقديمات والتبرعات لتجهيز السجون وترميمها وصيانتها، ومنها:

إن عديد السجناء الموزعين في السجون يقارب حالياً 5000 سجين بينهم 250 سجينة لبنانية وأجنبية

ـــــ سجون صور وجبيل وأميون والبترون التي رعت تأهيلها وتجهيزها جمعية فرح العطاء.
ـــــ ترميم سجن نساء بعبدا وتجهيزه بواسطة جمعية دار الأمل بتمويل من مؤسسة الأمير الوليد بن طلال الإنسانية.
ـــــ تأمين وتجهيز مركز طبي ومستوصف وعيادتي طب أسنان وبئر ارتوازية من المرشدية العامة للسجون بتمويل من مؤسسة الأمير الوليد بن طلال الإنسانية.
ـــــ جهزت وأدارت جمعية عدل ورحمة جناحاً لمعالجة المدمنين على المخدرات في السجن المركزي في رومية بتمويل أميركي، ويعالج فيه حالياً 30 سجيناً مدمناً.
ـــــ تأمين تابلوه لتوزيع الكهرباء في السجن المركزي في روميه من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إضافة إلى أسرة من طوابق عدة في سجن زحلة للرجال.
ـــــ استحدثت المرشدية الإنجيلية في سجن القبة للرجال قاعة لتعليم الكومبيوتر، وجُهّزت بالتنسيق مع فعاليات طرابلسية.
ــــ وأخيراً، قاعة مخصصة للزيارات العائلية في مبنى المحكومين ضمن مشروع تطوير العدالة الجنائية في لبنان الذي تقوم به وزارة العدل بالتنسيق مع وزارة الداخلية والبلديات وبالمساعدة الفنية من مكتب الأمم المتحتدة المعني بالمخدرات والجريمة. ولا ننسى في هذا المضمار ما قدمته مؤسسات عديدة أخرى كمؤسسات: الأب عفيف عسيران وأطباء بلا حدود والحركة الاجتماعية ومركز ريستارت لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب.

ثانياً: واقع السجناء:

إن عديد السجناء الموزعين في السجون يقارب حالياً 5000 سجين بينهم 250 سجينة لبنانية وأجنبية، وسبع قاصرات و156 حدثاً، منهم 35 قاصراً في معهد إصلاح الفنار.
يستوعب السجن المركزي في روميه حالياً بجميع أقسامه 3300 سجين، والعدد الباقي يتوزع على السجون الأخرى، أما عدد الموقوفين فيقارب ثلثي العدد الإجمالي للسجناء.
تؤخذ بالحسبان إمكانية استيعاب السجون في التوزيع، إضافة إلى مدة الأحكام. فالسجن المركزي في روميه وسجن طرابلس يستوعبان الأحكام التي تصل إلى المؤبد، أما السجون الأخرى، فالأحكام بين 6 أشهر إلى 6 سنوات حداً أقصى.
يُنقل السجناء بمواكبة يومياً إلى كل المراجع العدلية بواسطة شاحنات مخصصة لنقل السجناء من جانب ضباط وحدة الدرك وعناصرها، أما آليات السوق فهي قديمة العهد ومعرضة دائماً للأعطال، وبعد المتابعة تجري حالياً أعمال تلزيم لتصنيع صناديق لعشر شاحنات تخصص لنقل السجناء، أما حاجتنا فلا تقل عن أربعين شاحنة حديثة أخرى من مختلف الأحجام.

ثالثاً: في الصلاحيات:

إن المرسوم الرقم 14310 تاريخ 12/2/1949 (نظام السجون) أناط بقيادة الدرك تحديداً صلاحية إدارة السجون وتنفيذ الخدمات الداخلية والخارجية لها.
في عام 1990 صدر القانون الرقم 17 وأناطت المادة 232 منه بقوى الأمن الداخلي إدارة السجون، على أن تتولى ذلك وزارة العدل.
أما المرسوم الاشتراعي الرقم 151 تاريخ 16/9/1983 المتعلق بتنظيم وزارة العدل فنصت المادة الأولى منه على أن تُعنى وزارة العدل بتنظيم شؤون السجناء والأحداث المنحرفين، وتتبع لها مديرية السجون ومصلحة إصلاح الأحداث المنحرفين، وفي المادة 29 منه أن تُعنى مديرية السجون بشؤون السجناء ورعايتهم وتأهيلهم وتطبيق أنظمة السجون.

رابعاً: في الصعوبات:

إن مهمة إدارة السجون وحراستها وسوق السجناء المضافة إلى المهمات الأساسية لوحدة الدرك تتطلب جهداً يومياً لتذليل الصعوبات وهي تتلخص:
أ ـــــ بالازدحام الخانق في جميع السجون، فالسجن المركزي في روميه مثلاً المعد لاستيعاب حوالى 1500 سجين فيه ما يقارب 3300 سجين، مع ما ينجم عن هذا الازدحام من مشاكل صحية وفي التغذية ومختلف الحاجات كالكهرباء والمياه وعرقلة لبرامج التأهيل.
ب ـــــ التأخير في استلام السجناء الأجانب، المنتهية أحكامهم من جانب المديرية العامة للأمن العام لأسباب إدارية ومادية وعديدهم يقارب الـ220 سجيناً حالياً ومرشح للازدياد، حيث قارب الألف سجين عام 2007، ويتابعهم ضباطنا مع مراكز الأمن العام للإسراع في استلامهم وترحيلهم، وإن هؤلاء السجناء يلجأون إلى الإضراب عن الطعام والتهديد بالانتحار وإثارة الفوضى والشغب داخل السجون واستمرار وجودهم مخالف لأبسط حقوق الإنسان.
ج ــــ النقص الكبير في عديد العناصر والآليات يجعل هذه الوحدة ترزح تحت حمل ثقيل وخطير، إذ إن ما يقل عن 800 ضابط وعنصر يتولون حالياً إدارة السجون من حراسة ومواكبة السجناء بنقص يقارب 500 عنصر عن العديد المفروض في المرسوم الرقم 1460 تاريخ 15/7/1991 الذي يحدد العديد في كل قطعة من قطعات قوى الأمن الداخلي.
أما العديد المضاعف من السجناء، فيستلزم أعداداً مضاعفة من العناصر لتنفيذ التعليمات التي تفرض تأمين حارسين لكل سجين أثناء السوق. وأمام النقص الحاصل، فإن القيادة تلجأ إلى تعزيز دوريات السوق بدوريات أخرى من مختلف قطعات وحدة الدرك، التي تواكبها على الطرق، وداخل قصور العدل في مختلف المحافظات لتأمين الحماية اللازمة، مما يستنزف عمل هذه القطعات وينعكس سلباً على مهماتها الأخرى، إضافة إلى إجراء فصل دوري لعناصر من مناطق البقاع والجنوب والشمال لتعزيز التدابير في السجن المركزي في روميه.
لذلك فإن طابع التخصصية لا يتوافر في العناصر القائمة بالخدمة في السجون رغم الدورات التي تقوم بها مؤسسات متخصصة من وقت لآخر.
د ــــ وُضع أخيراً حوالى 350 سجيناً من موقوفي فتح الإسلام ومن ذوي الخصوصية الأمنية المصنفين في خانة الإرهاب في جناح خاص في السجن المركزي في روميه، وهو غير معد أصلاً لهذا النوع من الموقوفين الذين يفترض فصلهم عن باقي السجناء، أي في ثكنات عسكرية مغلقة أو مكان خاص معد لهذه الغاية. وقد أثر هذا الوضع كثيراً على سير الحياة داخل السجن من خلال تعطيل بعض البرامج التعليمية للسجناء، ومضاعفة الحراسة عليهم، وصعوبات في عمليات السوق إلى المراجع العدلية، فتُراجع المديرية العامة في كل عملية سوق لوضع قوى من الفهود أو قوى سيارة إضافية لتأمين سوقهم.
هـ ــــ إن الروتين الإداري والنقص في الأموال يجعلان من صيانة مختلف المباني والتجهيزات وتأمين الاستشفاء والدواء ومواد النظافة عملية غير سهلة.
و ــــ كذلك فإن التأخير في إصدار الأحكام على الموقوفين مدة طويلة يؤدي إلى مضاعفة أسباب الفوضى والتمرد.
أمام هذا الواقع كان لا بد من زيادة التنسيق اليومي مع الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخاصة لتأمين المطلوب واستدراك النواقص وحاجات السجون والسجناء.

خامساً: في التأهيل:

برامج التأهيل تشمل برامج تعليمية، ترفيهية، وتطبيقية:
كمحو الأمية ــــ تدريب السجناء على الإسعافات الأولية ــــ ندوات توعية للوقاية من الأمراض وحفظ الصحة للسجناء ــــ نشاطات رياضية مختلفة.
ــــ تعليم مادة الموسيقى بالتعاون مع المعهد الوطني للموسيقى وموسيقى قوى الأمن الداخلي.
ــــ أشغال يدوية وحرفية وتدريب السجناء على هذه الأشغال داخل مشاغل مخصصة لهذه الغاية، وإقامة معارض سنوية تعود عائداتها لهؤلاء السجناء.
ــــ إنشاء مشاغل حدادة وبويا ونجارة وأعمال الميكانيك وكهرباء السيارات.
ــــ تدريب السجناء على استعمال الكمبيوتر وبرمجته، وإخضاعهم لدورات في هذا المجال ونيل شهادات للناجحين بنهاية كل دورة بالتعاون مع المركز التقني والمهني.
ــــ يجري تدريب السجناء الأحداث في أماكن ومشاغل مخصصة لهم، كما يشترك بالتدريب والتعليم سجناء يحملون إجازات، إضافة إلى مسؤولين ومدربين لهذه الغاية.
ــــ الموافقة لمن يرغب من السجناء على متابعة الدراسة داخل السجن بحضور قيمين وأساتذة جامعات لإعطاء الدروس في أماكن تخصص لهذه الغاية استناداً لطلبات شخصية مقدمة حسب الأصول وبعد موافقة السلطة القضائية.
ــــ جمع شمل العائلة من خلال فتح قاعة حديثة للزيارات العائلية في مبنى المحكومين مجهزة بالأدوات التكنولوجية للمراقبة والبصمات.
ــــ البدء بمشروع تطوير مكتبة السجن المركزي في رومية بمختلف أنواع الكتب وبرامج لتعلم اللغات الأجنبية والكمبيوتر والأجهزة السمعية والبصرية.
ــــ وأخيراً نُفذت سبعة عروض ضمن المشروع المسرحي «12 لبنانياً غاضباً» داخل السجن المركزي في رومية قامت به جمعية الدفاع عن الحقوق والحريات «عدل» ضمن برنامج «أفكار 2» الممول من الاتحاد الأوروبي لتأهيل السجناء بواسطة العلاج بالدراما، حيث أدى السجناء كل الأدوار.
وهذا العمل، إضافة إلى مركز تأهيل السجناء والمدمنين على المخدرات، جعل لبنان سبّاقاً في هذا المضمار.

سادساً: في المقترحات القانونية:

أ ــــ خفض العقوبات:
نصت المادة 108 من المرسوم الرقم 14310 (نظام السجون) على أنه بتاريخ 15 حزيران و15 كانون الأول من كل عام، يمكن اقتراح خفض عقوبة المحكوم عليهم الحائزين شهادة حسنة أو العفو عنهم. تكون هذه الاقتراحات فردية ويقدم بها آمر السجن المعني تقريراً مفصلاً عن كل سجين مستحق بمفرده. أما آلية التنفيذ فبقيت مجهولة حتى تاريخ 17/9/2002 حيث صدر القانون الرقم 463 ونص في مادته الأولى على إمكانية خفض عقوبات حسني السلوك من المحكوم عليهم جزائياً بعقوبات مانعة للحرية وفقاً للأحكام الواردة فيه.
ونص على لجنة في كل محافظة تتولى تقديم اقتراح خفض العقوبات بعد درس وضع كل سجين محكوم عليه، وتراعي أسُساً ومبادئ وشروطاً يستوفيها المحكوم عليه، وذلك في الأول من حزيران والنصف الأول من كانون الأول من كل سنة.
وحدد أخيراً آلية التنفيذ بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير العدل خلال مهلة ثلاثة أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون. أما هذا المرسوم، فلم يصدر إلا بتاريخ 6/5/2006 برقم 16910 أي بعد أربع سنوات، فيحدد آلية تنفيذ القانون المذكور ولم تنفذ بسبب عدم اكتمال تأليف لجان خفض العقوبات في المحافظات لجهة تعيين قضاة متفرغين استناداً لأحكام المادة الثانية من القانون المذكور وتعيين أطباء اختصاصيين بالأمراض النفسية أو العقلية والمساعدين الاجتماعيين.
ب ــــ نقل إدارة السجون إلى عهدة وزارة العدل:
إن تقاريرنا عن الأوضاع الصعبة والقاسية التي تعانيها وحدة الدرك ضباطاً وعناصر عموماً، وأوضاع السجون والمساجين خاصة، لم يكن لها الصدى المناسب لتأمين التوازن بين الحقوق والواجبات للسجين والسجان معاً، بينما كان الصدى أفعل عندما ترافق مع حركات الشغب والتمرد في السجون ورددته وسائل الإعلام.
أما عملية نقل صلاحية إدارة السجون من عهدة وزارة الداخلية إلى عهدة وزارة العدل فلم تبدأ عملياً بعد، واقتصرت على تأليف لجان وعقد اجتماعات لم تؤد إلا إلى فتح الباب أمام زيارات متكررة وبعض التقديمات، مثلاً: مكننة ملف السجين، ونقل المعلومات من السجن المركزي في رومية إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ثم وزارة العدل.
تهيباً لهذه الخطوة ومنعاً للمزايدات، تقدمنا باقتراحات إلى الجهات المسؤولة في وزارتي الداخلية والعدل، نشرح فيها الطريقة السليمة برأينا للانتقال كالآتي:
1 ــــ البدء بإنشاء سجون نموذجية تراعي المعايير الدولية في محافظات الشمال والجنوب والبقاع، يتسع كل منها لحوالى 1300 سجين، علماً بأن الأراضي العائدة لقوى الأمن الداخلي والمخصصة للسجون معظمها متوافر للبدء بالمشروع.
2 ــــ يترافق البدء بهذا المشروع مع تعيين الكادرات المطلوبة

لم تلقَ تقاريرنا عن أوضاع السجون الصدى المناسب لتأمين التوازن بين الحقوق والواجبات للسجين والسجان معاً
من الوزارات المعنية كالعدل والتربية والصحة والشباب والرياضة والشؤون الاجتماعية والداخلية للإشراف على برامج نقل الصلاحيات من الناحية الإدارية والعملية، والإلمام بشؤون السجناء من تغذية واستشفاء ونشاطات أخرى.... الخ.
3 ــــ تدعو وزارة العدل الشباب اللبناني إلى التعاقد بصفة حارس سجين متخصص وتعيين المسؤولين عن الحراسة وسوق السجناء، على أن تؤمن لهم تنشئة عسكرية ومسلكية في معهد قوى الأمن الداخلي مع تكثيف البرامج اللازمة والمحاضرات المتعلقة بالتعاطي مع السجناء وحراسة السجون أثناء الدورة، إضافة إلى متابعة دورات تدرج في السجون الحالية.
4 ــــ إذا اعتبرنا أن مهلة السنتين تكفي لإشادة الأبنية وتأمين الكادرات والعدد اللازم من المسؤولين في الإدارة وحراسة السجون، عندها يمكن نقل السجناء من السجن المركزي في رومية إلى السجون النموذجية في المناطق، وتكون بإدارة وزارة العدل من الألف حتى الياء.
5 ــــ تبقى السجون الموزعة في المناطق في عهدة وحدة الدرك للفترة التي قد تتطلبها إعادة تأهيل السجن المركزي في روميه وتجهيزه حسب الأصول. بعد ذلك تلغى جميع السجون الفرعية ويُوزّع جميع السجناء بين السجن المركزي في رومية والسجون النموذجية الأخرى. وعندها ينتهي دور قوى الأمن الداخلي في إدارة السجون وحراستها، وتصبح نهائياً بعهدة وزارة العدل ويقتصر بعدها دور قوى الأمن الداخلي على تأمين أي طلب مؤازرة بحالات الخطر الشديد أو الاعتداءات المحتملة من خارج السجن.

الخاتمة:

بعد ست وثلاثين سنة من الخدمة الفعلية، لم أجد فيها سوى نوايا وخطابات عن الإصلاح، بينما في الواقع كانت الصعوبة الكبرى التي واجهتها تكمن في كيفية تطبيق القانون وإمكانية ذلك، ورد الضربات من كل صوب بسبب عدم الرضوخ للنفوذ السياسي وغيره المتحكم بمفاصيل الإدارة، لذلك أرى في هذه المرحلة الصعبة أن نكون شهوداً على الحقيقة، فلا يمكن البناء من جديد دون معرفة حقيقة الأمور، التي دونها جدار سميك من تضارب المصالح واللف والدوران والكذب والفساد، ما يستلزم جيلاً آخر لأجل أن ندرك إذا أردنا صواب الحقيقة.
وإلى الجيل الجديد من المحامين أقول: أنتم حراس الهيكل فابنوا على الحق واصمدوا لأن ما يُبنى على الباطل فهو باطل. إن إظهار الحقيقة حق لكم وعليكم، والغاية في النجاح لا تبرر الوسيلة، فأية براءة نسعى إليها يجب أن تكون بأساليب بريئة. إذا كان القانون لا ينحني، فرجاله أولى بالانحناء له. ولا يكفي ألا نفعل الخطأ، بل يجب ألا نسكت عن الخطأ. وأخيراً، إذا كانت قاسية قصة العدالة مع الذين طالتهم يدها، فقصتها مع المرتكبين الذين يرتعون خارج القضبان أصعب.
* قائد وحدة الدرك
في قوى الأمن الداخلي