188 مزارعاً وتعاونية زراعية يشاركون في معرض «أرضي». مع إقامة النسخة الثالثة منه، حسّن بعضهم من نوعية منتجاتهم وزادوا من أصنافها، في انتظار 150 ألف زائر يتوقع القيمون حضورهم، مع بداية الشهر المقبل
محمد محسن
يتراءى مجسّم ضخم لقلعة بعلبك أمام الزوار الداخلين إلى معرض «أرضي»، الذي تنظمّه جمعية «جهاد البناء» للمرّة الثالثة على التوالي، في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت. غذائياً، ترتبط بعلبك بالكشك والمكدوس والكثير مما تجود به هذه الأرض. بعد القلعة، طاولات منتشرة على ستة آلاف متر مربع، تعج بمنتجات غذائية وصناعات حرفية، مصنوعة يدوياً في مختلف المناطق اللبنانية. للوهلة الأولى، يبدو سؤال التجار عن جديد مونتهم في مشاركتهم الثالثة ضمن المعرض مستغرباً. فالمونة هي ذاتها منذ قرون طويلة، وما الداعي إلى تجديدها؟ لكن الإجابات الشافية من التجار، عن موضوع جديدهم، تأتي في سياق آخر. ويرتبط هذا السياق، بحجم استفادة كلّ من شركات إنتاج الغذاء والتعاونيات الزراعية وحتى المزارعين الصغار، من العلاقات العامة التي نسجوها خلال وجودهم في المعارض السابقة. ولهذه العلاقات دورها. كيف لا، ومنذ ثلاث سنوات، يجهد كل مزارع في تكوين شبكة زبائن واسعة الانتشار، لا يعيق تواصله معها وتأمين طلباتها، انتهاء مدة المعرض الذي يستمر أسبوعين في كل عام، ويتوافق تاريخه هذا العام بين 23 تشرين الأول حتى 5 تشرين الثاني. من أجل ذلك، يصغي التجار إلى أصغر الملاحظات وأكبرها، بهدف تحسين نوعية منتجاتهم. هذا هو التجديد الواضح في المعرض، أمّا في ما يخص الشكل أو عدد المشاركين والأصناف في المجمل، فالأمر ما زال على حاله.
هكذا، وبالإضافة إلى المعايير العامة للجودة، التي يطلبها المنظمون كجواز عبور نحو حجز جناح في المعرض، يبقى رأي الزبائن بسلعة أو طلبهم سلعة أخرى، أكثر تأثيراً على عملية تجديد التجار لمنتجاتهم. ومع أن التجديد أو التنويع لم يطل هوية المنتج عموماً، إلا أنّ التطور حصل على مستويين: الأول هو مستوى جودة المنتج ونوعيته، أمّا الثاني فهو زيادة تجار لمنتجات جديدة على لائحة مبيعاتهم.
بناءً على ذلك، أدخلت أمل غملوش، المسؤولة في تعاونية جباع الزراعية، أنواعاً جديدة من المقطرات على طاولتها. حال جديد طاولاتها كحال الطاولات الأخرى. إذ لا يمكن أن تعرف أن التجديد في المنتجات قد حصل، من دون السؤال، لأن صورة «المراطبين» الضخمة هي ذاتها في كل عام. تشبه أمل الكثيرين من زملائها في المعرض، إذ إن حديثهم عن انتشارهم، لم يعد مقتصراً على قريتهم ومعرض «أرضي» فقط، على الرغم مما يحفظونه للمعرض من فضل في إخراجهم إلى فضاء التواصل مع المدينة. «سوق الطيب» و«سوق الأرض» و»إهدنيات» وكثير من أسماء الأسواق المشابهة، تكررت على ألسنة العارضين. في جناح تعاونية عرمتى، تؤكد مديرة المبيعات، إدخال بعض الأصناف الجديدة، التي قد تجذب الزبائن. مثلاً، حمّص بودرة، وزيتون باللبنة، ودبس التين، زيتون مطحون لـ«البيتزا القروية». بدورها، قدّمت أجنحة شمالية، وتحديداً، زغرتاوية، منتجات جديدة، لم تكن على لوائحها في العام الماضي. في جناح بلدة سبعل، زيت زيتون معصور «عالبارد» أي على الحجر القديم، لا في ماكينات العصر الحديثة. أمّا في جناح بلدة إجبع، فتعدد لينا جرجس الشام مجموعة المشروبات التي زادتها، بعد طلب الزبائن لها. تعددها قائلة «شراب اللوز، الكيوي مع الغوافا، الرمان، المانغا، والأناناس». وبينما تؤكد لينا أن غالبية المواد المستعملة، تزرع في مركز التعاونية في زغرتا، تؤكد غادة المقداد من التعاونية الزراعية في لاسا بجبيل، أن المواد الأولية لا تتوافر كلها في جبيل، إذ «نشتري البوصفير من الشمال، والرمان من البقاع، ونطبخهما في جبيل».
لا ينفك التجار عن التأكيد على بعض الأمور المرتبطة بالمعرض. يبدي بعضهم انزعاجه من مكانه البعيد عن المدخل، فيما يتوقع البعض الآخر زيادةً عالية في نسبة الزبائن مع بداية الشهر المقبل، وانتهاء موسم بداية المدارس. من جانبه، يؤكّد مدير المعرض المهندس محمد الحاج لـ «الأخبار» أن فرقاً متخصصة من المعرض، تكشف على سلامة المنتجات ومراعاتها الشروط الصحية من جهة نوعية المواد وطريقة التصنيع. وفي هذا الصدد، يشير الحاج إلى رفض إدارة المعرض بعض المنتجات التي ثبت دخول المواد الحافظة فيها، مؤكداً في الوقت ذاته ضرورة أن تكون المواد الغذائيّة والحرفيّة مشغولةً بيد الإنسان حتى تُقبل في المعرض. يعد الحاج بمشاريع جديدة مقبلة، أبرزها، معرض «أرضي»، إضافةً إلى السعي لإقامة معارض مشابهة خارج لبنان، تؤمّن للمزارع اللبناني تصريف إنتاجه خارج الحدود أيضاً.