محمد محسنصبر، لوح، أشواك. تختزن هذه الكلمات إيحاءات مرّة. لكن، لا بأس بجمعها في فاكهة، ما دام الطعم حلواً. والمقصود بالصبر هنا، هو فاكهة الصبّار، ولكن بلهجة سكان الجنوب اللبناني. أمّا اللوح والأشواك فهما أساس زراعة هذه الفاكهة. ويحتاج حصاد الصبّار إلى مهارة وإلى آلات خاصة، والهدف من ذلك، هو منع وصول الشوك إلى أماكن حساسة في الجسم، كالعين مثلاً. تنتشر زراعة الصبّار في كثير من القرى اللبنانية، منذ القرن الثامن عشر حين أتي به من أميركا اللاتينية بعد اكتشاف «العالم الجديد» أي القارة الأميركية. زراعة لا تعيقها نوعية التربة أو منسوب الريٍّ، لأنها تخزن المياه في أغصانها الشائكة (ولا تخسرها لأن شوكها هو ورقها). وتلقى هذه الفاكهة واحداً من مصيرين: الأول هو توزيعها على الجيران، أمّا الثاني، فيرتبط بالشق التجاري، أي تصريف الإنتاج الذي يتم عادةً في المدن.
ولا يصرّف الصّبار بانتظام، إذ يمكن أن تجده في مستوعبات كبيرة وصغيرة، تتجه صوب العاصمة بيروت، أو في سحارات متواضعة، وضعها تجار صغار، لتجذب أعين عابري الطرق الطويلة. في موسم إنتاج الصبّار، أي من أواخر آب وحتى تشارين، يستغل بائعون متجولون الموسم، ويسوحون في الشوارع مع صبّارهم لبيعه جاهزاً للأكل فور نزع «جلده» المكسو بالأشواك الكثيرة، بعد نقعه بالماء لفترة. ولهؤلاء البائعين الموسميين رداء خاص، أهم مظاهره، القفازات التي تقي أيديهم لسعات الشوك. لا تتساوى معاناة تقشير الصبّار وسرعة تلفه خارج التبريد، مع سعره المتدني نسبياً. فمثلاً، يبلغ سعر السطل من سعة 80 كوزاً حوالى ثمانية آلاف ليرة، ويمكن القياس على هذا السعر صعوداً أو هبوطاً بحسب الكمية. كما يقدّر إنتاج الشجرة الواحدة التي تضم 500 لوح بنحو 6000 كوز من النوع الجيّد. في لبنان، بدأ بعض المزارعين أخيراً بالاهتمام بزراعة الصبّار في قرى عديدة. هكذا، يمكن زوّار مناطق جنوبية مثلاً، ملاحظة مساحات واسعة من الصبار المزروع على جوانب الطرق الرئيسية والفرعية. عالمياً، ينتشر الصبّار في غير بقعة من العالم.
ففي أميركا اللاتينية، مكان نشأته، يتناول السكان الألواح (الغصون) في السلطة. وفي أفريقيا مثلاً، يستعان بالصبّار ذي الأوراق القصيرة، بسبب قابليته على النمو في الصحراء رغم قلة ريّه. أمّا في مناطق آسيا، فتعتمد زراعة الصبار ذي الساق الطويلة الذى يصل إلى 3.5 سنتيمترات مربعة وأوراقه كثيرة العدد.
تجري اليوم عمليات تهجين وانتقاء نوع من الصبار خال من الأشواك، ما سيسهّل عملية إنتاجه وتصريفه في السوق لأن المستهلكين غالباً ما يمتنعون عن شرائه بسبب أشواكه.