صيدا ــ الأخبارلم يعد مكب النفايات الشهير في صيدا واحداً. فقد تفرّعت عنه مجموعة من المكبّات الصغيرة الناتجة من نموه «الطبيعي» في ظل الإهمال لمشكلته برغم كل الكلام. مبروك إذاً. «لا بد من تقديم التهاني للصيداويين»، يقول المواطن محمد جرادي ساخراً، بعدما هاله منظر انتشار مكبات صغيرة من الناحية الجنوبية للمكب الرئيسي. يتأمل الرجل في المكبات، ثمّ يعلّق متهكماً «شر البلية ما يضحك».
منذ مدة، يلاحظ العابرون من أمامه تضخم قمّته وتمدّد طوله من الناحيتين الشمالية والجنوبية. هذا في «القمة»، أما عند الأطراف، وخصوصاً الطرف الجنوبي للمكب، فقد فرّخت ملحقات جديدة، إذ يرى العابرون كومة من الإطارات المطاطية هنا «رميت في ليلة ليلاء»، بحسب ما يذكر مواطنون في مبنى سكني قريب، وتلّة من الردميات والأتربة هناك. وفي مكان ثالث، تكدّست العشرات من شجرات الموز المقتلعة من أحد البساتين، وإلى جانبها تلة من «الحشيش اليابس»، قيل إنّ عمال بلدية صيدا قد جاؤوا بها بعد تشذيبهم ساحات الطرق وفواصلها في المدينة.
هذه المكبات تبدو للوهلة الأولى كأنها تكومت نتيجة لعمليات فرز لنفايات المكب كمقدمة لمعالجته وإزالته، لكن سرعان ما يكتشف العابر أن الموضوع ليس فرزاً للنفايات، والأمر لا يعدو كونه «مكبات صغيرة» تم «استحداثها» في غفلة عن عيون المعنيين... أو برضاهم. وسواء كان الاستحداث شرعياً أو غير شرعي، ففي نظر جرادي «أن في بطن المكب أولاداً، لكنه حبل بدنس».
ويمثّل وجود مكب النفايات في صيدا «كارثة بيئية حقيقية»، على ما ورد في تقارير سابقة لمنظمات بيئية أجمعت على أن المكب يحتوي بداخله بفعل تخمر النفايات على مدى سنوات أنواعاً من الغاز. وهذه المواد قابلة للاشتعال والانفجار في أية لحظة، هذا فضلاً عن دوره في تلويث الهواء ومياه البحر التي غرقت فيها أكثر من مرة أطنان النفايات بفعل الانهيارات المتتالية للمكب.
خطر داهم يحيط بالأهالي، فيما الوعود التي أطلقت سابقاً بوضع حد لهذه الكارثة البيئية لم تترجم على أرض الواقع. فلا هبة العشرين مليون دولار السعودية بانت ولا حتى الخمسة ملايين دولار التي تكفلت مؤسسة الوليد بن طلال في دفعها لإزالة المكب قد ساعدت في حل المشكلة. فما إن بدأت الشركة التي يديرها ابن خالة الوليد المهندس رياض الأسعد أعمالها حتى توقفت دون معرفة الأسباب الحقيقية. وإلى حين تتوضّح أسباب إيقاف العمل بالمكب، تكون المكبات الأربعة على أطراف المكب الأم قد فاقت العشرة وربما أكثر.