مزيارة ــ فريد بو فرنسيسلدى وصولك إلى مدخل بلدة مزيارة الجردية في قضاء زغرتا، تستقبلك لافتة كبيرة معلقة عند مدخل البلدة، قبالة مزار أم المراحم المقدس، كتب عليها «عذراً من الزائرين الكرام، إن الروائح الكريهة التي تنبعث في المحيط، سببها مكب النفايات ومزارع الدجاج المحيطة. شكراً للمسؤولين»، هذه الكتابات أحدثت ضجة كبيرة في البلدة، وأصبحت مدعاة تساؤل بين الزوار، اللبنانيين أو الأجانب الذين يزورون الموقع. فالمكان مقصود كثيراً، وتحول إلى نقطة هامة على خريطة السياحة الدينية.
«الحالة لم تعد تطاق»، تقول الزائرة نيكول سليمان، تضيف: «هذا المزار المقدس أصبح مطوقاً ببيئة غير صحية نظراً لوجود مكب للنفايات بقربه ومزارع للدجاج بجواره وكلها تسبب روائح». ثم يعلو صوتها بغضب: «على المسؤولين التحرك لإنقاذ الموقع الذي بدا يتأثر كثيراً». عند مدخل البلدة لا شيء يزعج العين. إلا أن التوغل قليلاً في الغابة الجميلة المحيطة بالطريق، يكشف فداحة المشكلة وخطورتها. أكياس النفايات مرمية عشوائياً ومنتشرة في
التكلفة المالية الكبيرة أوقفت العمل بالمعمل وعدنا لرمي النفايات فيه
كل مكان، أكياس من النايلون الملون والورق الصحي متطايرة في الهواء ومنشورة على الأشجار المجاورة كالثياب على حبال الغسيل، ناهيك عن وجود كميات كبيرة من الزجاج على أنواعه. هناك معمل لفرز النفايات متوقف عن العمل والنفايات المختمرة منتشرة في المحيط تنبعث منها الروائح الكريهة في مشهد لا يوحي لك بأنك في مزيارة، البلدة المعروفة بجمالها وبيئتها. القيمون على مزار أم المراحم، لم يجدوا وسيلة تشرح واقعهم سوى اللجوء إلى اليافطة التي ذكرنا، ولكنهم في الوقت عينه طرحوا أكثر من سؤال عن مصير المكب والمزارع وعن سبب وجودهما في تلك المنطقة الجميلة من البلدة تحديداً عند مدخلها. إنها وسيلة ستحميهم مؤقتاً من تساؤلات الزوار عن موضوع الروائح الكريهة التي تنبعث من محيط المزار المشهور سياحياً.
المشرف العام والحارس الأمين لمزار أم المراحم مرسال الشاغوري قال: «بنيت هذا المزار كي يصبح أجمل موقع في العالم ولن أسمح بأن يتراجع صيته جراء الروائح الكريهة أو ما شابه، لقد رفعت كتاباً إلى قائمقام زغرتا طلبت فيه تكليف من يلزم بالكشف على مزارع الأبقار والدواجن وعلى مكب النفايات والمسلخ، الموجوديْن بالقرب من مزار أم المراحم، واللذين يبثان السموم والروائح الكريهة والأوساخ، وتحديد مصدر ذلك لكون الوضع لم يعد يطاق ولا يحتمل».
رئيس بلدية مزيارة سايد الشاغوري كشف في اتصال معه عن إيجاد حل لهذه المشكلة المزمنة كما وصفها، مشيراً إلى أن البلدية في السابق كانت ترمي نفايات البلدة كلها في هذا المكان الذي كان معملاً لنشر الصخور، وأنها عمدت لاحقاً إلى تأسيس معمل لفرز النفايات فيه، على أن تشجر المكان لاحقاً، إلا أن التكلفة المالية الكبيرة التي وضعت من دون جدوى، أجبرتنا على وقف العمل وعدنا إلى رمي النفايات فيه». ووعد الشاغوري بـ«أن الشاحنات ستبدأ العمل في الأسبوع المقبل على نقل النفايات إلى مكان آخر خارج البلدة بعدما تأمن المكب لهذه الغاية».