لم تكن حادثة سرقة مطعم وردة وليمة الأولى من نوعها في الحمرا أمس، بل سبقتها حالات كثيرة من هذا النوع، وربما تتكرر لاحقاً. لكن الأمر بدا غريباً في الشارع المكتظ بالمحال، كما سبقه قبل يومين أمر أشد سوءاً: مسلحون يشهرون أسلحتهم في وجوه الأطفال
أحمد محسن
يمكن القول إن شارع المكحول هو من أشد الشوارع حياةً في منطقة الحمرا. يعج بالمقاهي والحانات. تأخذ المصارف حصتها من الأرصفة هي الأخرى. ومنذ مدة قريبة أيضاً، حلت السفارة السورية ضيفاً جديداً على لبنان، وتحديداً على هذا الشارع. لكن مطعم وحانة وردة وليمة، الذي يختبئ في إحدى زوايا الشارع الأخيرة، ليس جديداً أبداً، بل يكاد أن يكون الأشهر، حتى بين المطاعم ذات الأسماء الحديثة الطابع. أمس، وحين كانت صاحبته تتفقده في السابعة والنصف صباحاً، اكتشفت أن باب المحل الأزرق مخلوع. بدا الخالع ذكياً، إذ لم يصدر صوتاً قوياً، أو يحدث فجوةً كبيرة في الباب. خلعه بما يكفي للدخول فقط. عاث فساداً في الداخل في مثل هذه الأيام الصيفية، و«الرمضانية» منها، كان مستغرباً جداً أن يتسلل الفاعل من دون أن يلحظه أحد، ويخلع الباب. تختلف الأمور في الداخل. الفوضى في كل مكان. بعثر الفاعلون محتويات المكان. صعدوا على العلية أيضاً. فقدت صاحبة المحل مبلغ 1400 دولار أميركي منه، إضافة إلى جهاز كومبيوتر، لكنها لم تفهم لماذا عبثوا بمحتويات المحل هكذا. لم تجد مبرراً لكل الفوضى، والتكسير الذي أحدثه الفاعلون، وخصوصاً أنها لا تشك بأحد. اكتفت بالاستغراب، كيف لا ومنزل رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة يبعد شارعاً واحداً فقط عن منزلها؟ قالت بهدوء، قبل أن تسرد صورة الشارع الذي تحفظه عن ظهر قلب: هنا مطعم، هنا سفارة، هنا مصرف، الخ.. فأين دوريات الشرطة؟ لا يبدو السؤال صعباً جداً للوهلة الأولى، فدوريات القوى الأمنية لا تنفك تمر من شارع الحمرا. تطلق أبواقها المزعجة ويزدحم السير بسببها في أوقات معينة، وأحياناً أخرى يركنها سائقوها على جوانب الطرق، وينصرفون إلى المطاعم. في آخر الشارع، لجهة السبيرز، ووفقاً لما أكده أكثر من عامل في المطاعم هناك، تصبح المخالفات منوطةً بالطعام، يتغاضى رجال الأمن عن بعض المخالفات التي تتعلق بركن السيارات في أماكن غير مسموح الوقوف فيها، مقابل «تشبيح» الطعام بين الحين والآخر. أحد العمال أكد أن مسألة حزام الأمان، «خاضعة لمزاجية رجل الأمن المار». إذاً يأتون من كل حدب وصوب، حتى يشعر المواطن أن ظله مراقب. لكن، فات الأمن أمس، أن يسيّر إحدى دورياته في الشارع المكتظ بالمحال، وبالناس ليلاً. على أي حال، تقدمت صاحبة المحل بشكوى إلى مخفر حبيش الشهير، كما قالت لـ«الأخبار» إنها طلبت الاستعانة بفرع المعلومات. تأمل صاحبة المحل أن تكون كاميرا أحد المصارف القريبة قد صورّت وجوه الفاعلين. الكاميرات يمكن أن تعوّض غياب رجال الأمن أحياناً.
وفي سياق متصل، أكد عدد من زوار وردة وليمة، أن صاحبة المحل رددت في أكثر من مناسبة سابقة أن حفلة رأس السنة الآتية، ستكون آخر الحفلات التي تجري في المكان، تمهيداً لانتقالها إلى مكان آخر. وفي الإطار ذاته، لطالما سرت أحاديث بين زوار وردة، أن صاحبته تعاني بعض المشاكل مع مالكيه، كما أن هناك دعاوى قضائية بين الطرفين، منذ أكثر من ثلاث سنوات. بيد أن هذه الأقاويل تبقى في خانة الشائعات، وخصوصاً أن صاحبة المحل رفضت اتهام أي أحد، أو حتى مجرد الشك بأي طرف، رغم أن صعود الفاعلين إلى العليّة، والفوضى التي أحدثوها، أثارت استياءها كثيراً. «لا أستطيع أن أقول أي شيء. الشارع الذي يقع المحل فيه شارع مكتظ بالمحال»، جددت وردة دهشتها من غياب الأمن.


مسدسات في وجوه الأطفال

كانت جلنار مارة في شارع الكومودور الذي لا يبعد عن شارع الحمرا الرئيس سوى أمتار قليلة، يوم الجمعة الفائت. لفتها وجود رجال أمن «مدنيين». دلت بزاتهم على أنهم تابعون لإحدى شركات الأمن الخاص. على مقربة منهم، وعند المفترق المواجه للشارع الرئيس، لحظت جلنار شابين يجران ولدين (عمرهما 5 و7 سنوات). إلى خلف الجدار، وذلك على مقربة من شباب آخرين (أحدهم رجل أمن رسمي)، يضعون مسدسات حربية ظاهرة. لقّم أحد الشابين السلاح وشهره في وجه الطفلين. اقتربت جلنار وسألتهما إن كان المسلحون المدنيون أقاربهما. خاف الطفلان، ونفيا الأمر. سألت جلنار المسلحين بصفتها الصحافية، كيف تفعلون ذلك؟ شتمها أحدهم، وهددها بتكسيرها وتكسير الكاميرا. حاصروها هي الأخرى، قبل أن ينقذها المارة. يبدو أن المسلحين معروفون في المنطقة.