الضنية ــ عبد الكافي الصمدلم تستيقظ بيت زود في بقاعصفرين من هول الفاجعة بعد. هي المرة الأولى التي يقيم فيها أهل البلدة صلاة جنازة على أربعة أشخاص دفعة واحدة (غسان طالب 23 عاماً، وشقيقه ياسر 15 عاماً، ومحمود زود 18 عاماً وشقيقه عمر 15 عاماً).
فخبر غرق الشبان في نهر جون وقع كالصاعقة على أهالي المنطقة. وعبثاً حاول الجيران مواساة ذوي الضحايا، إذ لم تستطع دام الهنا طليس، والدة محمود وعمر زود، أن تتمالك نفسها لحظة وصول جثماني ولديها، فانهارت وسقطت أرضاً. الوالدة فقدت كل الذكور دفعة واحدة، ولم يبق لها من هذه الحياة سوى ابنتين صغيرتين. وفي منزل آل طالب، لم يكن الوضع مختلفاً، إذ أجهشت سميرة وردة، والدة غسان وياسر طالب، بالبكاء وعلا نحيبها بعدما خسرت اثنين من أبنائها الأربعة.
«لقمة مغمسة بالدم»، هكذا يلخص طارق، أحد أقرباء الضحايا المشهد، وخصوصاً أنّ الشبان الأربعة ذهبوا ضحايا نبتة الريحان التي يجمعونها ويبيعونها إلى جانب أعشاب برية أخرى مثل الزعتر والزوفة والأويسة وغيرها.
الضحايا الأربعة نقلوا إلى مسقط رأسهم بواسطة سيارات إسعاف «تابعة لبلديات بقاعصفرين وعاصون وبخعون». وفي التفاصيل التي يرويها عبده زود، أحد الجيران، أن الشبان الأربعة «ذهبوا إلى الشوف على جاري عادتهم كل سنة برفقة أبويهم وأخواتهم. وكان في نية العائلة جمع أكبر قدر ممكن من أغصان الريحان، قبل توضيبها في باقات كي تبيعها على الطرق أو قرب المقابر في الأيام الأخيرة من شهر رمضان». ويضيف عبده أن عمر «أراد الاغتسال بمياه النهر لكنه انزلق لأن التربة على ضفاف النهر كانت موحلة ولزجة، فغرق فيه ولم يستطع الخروج، وعندما حاول شقيقه محمود إخراجه منه حصل معه الشيء ذاته، وهو الأمر الذي تكرر مع غسان وعمر الذين أخذتهم جميعاً مياه النهر».
وحسب عبده، فقد وصل عز الدين زود إلى المكان «بعد سماعه صراخاً وجلبة غير طبيعية، ولدى معرفته بالأمر حاول النزول إلى النهر لإنقاذ أبنائه، لكن عويل ابنتيه، دفعاه لعدم الإقدام على خطوته، في الوقت الذي وصل فيه إلى المكان أشخاص من المنطقة استدعوا عناصر الدفاع المدني الذين أخرجوا الشبان الأربعة من النهر جثثاً هامدة».