محمد محسنلا يوحي هدوء منزل علي السيّد في منطقة برج البراجنة، بأن خاطفي رجل البيت الوحيد، أعادوه إلى ذويه سالماً. فلا مهنئين بالسلامة ولا زوّار مطمئنين إلى صحة المخطوف المحرّر، الذي عندما زرنا منزله للحديث معه، وجدناه في عهدة فرع المعلومات كما قالت مصادر عائلية، للتحقيق معه في ملابسات خطفه على أيدي مجهولين.
أمس، عاد علي السيّد إلى منزله، بعد سبعة أيام من اختطافه. عند الثانية عشرة فجراً، سمع سكّان المنزل صوت علي وهو ينادي والدته بصوتٍ عالٍ جداً. هبّ الحاضرون من أخوات علي وزوجته ووالدته لملاقاته بعدما “ظننا أنه لن يعود أبداً إلينا” تقول إحدى قريباته. فاجأ علي أهله بعودته، لكنّ ما أدهشهم أكثر من هذه العودة، هو علامات الضرب التي أرخت بثقلها على وجهه وبعض أجزاء جسمه. وأكثر من الضرب، فإن علي لم يعرف أحداً من خاطفيه على الإطلاق، حيث أبقاه الخاطفون معصوب العينين، وأغلقوا أذنيه، واكتفى فقط بسماع أصواتهم قليلاً، أثناء احتجازهم إيّاه.
اللافت في القضية، أنّ الخاطفين أفرجوا عن السيّد من تلقاء أنفسهم، ومن دون مواجهات، ومن دون الحصول على مطلبهم من علي السيد.
لكن يبدو أن هذا “الإفراج” ليس نهائياً من وجهة نظر الخاطفين، إذا ما اعتمدنا على شهادة بعض أقرباء السيد، الذين قالوا لـ“الأخبار” إن الخاطفين “هدّدوه بأنه تحت مراقبتهم، وأنهم سيخطفونه من جديد، إذا لم يسدّد المبلغ المطلوب منه”، وهو ما يعني أن مسلسل خطف علي السيد لم ينته فصولاً بعد، وأن الأخير ما زال في خطر، فرض عليه إما البقاء في المنزل أو عدم الخروج إلا بحراسة من القوى الأمنية.
عندما استفاق علي من غيبوبته، وجد نفسه مرمياً في منطقة تحويطة الغدير
وبحسب مصادر عائليّة، تروي عن لسان علي كيفية وصوله إلى منزله، فإن الأخير عندما استفاق من غيبوبته، وجد نفسه مرمياً قرب ما يعرف بـ“شركة الغاز”، في منطقة تحويطة الغدير. خلع عنه خاطفوه ثيابه التي ألبسوه إياها للتنكّر (ثياب نسائية)، وألبسوه “شورت وكنزة ومشّاية”.
سرّعت المسافة القصيرة بين منزل علي وشركة الغاز وصوله إلى المنزل. لم يطُل وقت الفرح بعودة علي، حتى استُكملت التحقيقات الأمنية بشأن قضية خطفه على يد مجهولين أرسلهم .. صهره علي ف.، المتزوج إحدى أخواته التسع.
وتضيف المصادر العائلية إن القضية قديمة بين علي السيد وصهره المشتبه فيه، وإن أساس المشكلة مالي. كلام يؤكده أقرباء آخرون، قالوا إن كل ما تحدّث به الخاطفون مع علي أثناء ضربه واختطافه هو “إعادة الأموال إلى صهره”. وبحسب تقارير أمنية، فإن اتصالاً جرى قبل إطلاق سراح علي بيومين أي في 6 أيلول عند السابعة مساءً، تحدّث فيه علي السيد إلى زوجته، وسمّى لها شخصاً (ن.م.)، سوف يحضر لمقابلتها والتفاوض معها على مبلغ من المال، قبل أن توقفه فصيلة المريجة، للتحقيق معه، بعد مراجعة القضاء المختص.
وفي متابعة للموضوع، تبيّن فيما بعد، أن الخاطفين طلبوا مبلغ “150 ألف دولار، مع أن الدين المستحق لعلي ف. على ابن حميه هو 105 آلاف دولار فقط، سدّد الأخير منها سبعين ألفاً” كما تقول المصادر العائلية. كذلك أكّدت المصادر، سرقة خط الهاتف الخلوي للسيّد مع مبلغ مالي 600 دولار كانت بحوزته عندما اختُطف من أمام محل المياه، الذي يملكه في تحويطة الغدير.
وتعود المشكلة إلى أربعة أعوام تقريباً، حيث كان علي السيد يعمل مع صهره علي فقيه في “تشغيل الأموال”، لكن السيّد فضّ الشراكة، وفتح لنفسه محلّاً لبيع المياه، خُطف من أمامه قبل أسبوع “في طقّة الظهر” كما تقول إحدى قريباته. وتؤكد المصادر العائلية أن دعاوى قضائية غير مستجدّة تجمع علي بصهره.
وما هو غير مستجدٍّ أيضاً، العلاقة السيّئة بين علي وصهره، التي ترجمت سوءها تهديدات كثيرة، وشتم تعرّض له السيّد من جانب فقيه، الذي وبحسب مصادر من عائلة علي السيد قال إنه “سيطلق النار على قدمي علي حتى وإنّ حمته الشرطة”.
أمّا عن هوائي الإرسال الذي اقتلعته القوى الأمنية من على سطح منزل السيّد، فتدور أحاديث في الحي حيث يقطن، عن مناداة الخاطفين لعلي عبر جهاز تواصلٍ لا سلكي، وما إن نزل حتى خطفوه. رواية ينفيها أقرباء السيّد، وهوائي الإرسال والجهاز اللاسلكي “لا يعدوان كونهما وسيلة اتصالٍ بيني وبين علي” كما تقول زوجته.
لا تنفكّ إحدى قريبات السيد عن الحديث عن تدخل جميع فعاليات منطقة برج البراجنة، من تنظيمات سياسية ومخاتير ووجهاء، للمساعدة على حل قضية علي. وتقول مصادر عائلية، إن أحد التنظيمات المحلية النافذة ساعد في التحقيقات أثناء فترة غياب علي.
وعن صهر علي، تحدّث مصدر أمني لـ“الأخبار” وقال إن المشتبه فيه موقوف حالياً، وإنه جرى تحويل قضيته إلى مفرزة تحرّي الضاحية الجنوبية، بعد إشارةٍ من المدّعي العام في بعبدا. وأضاف المصدر الأمني إنه “حتى الآن لم يُعرف الخاطفون أو المكان الذي احتجزو فيه السيّد”.
وفي اتصال مع “الأخبار” رفض علي السيّد التعليق على الموضوع، مكتفياً بالقول “في الله، سبحانه وتعالى هوي وحدو بيحاسب، يكفيني أني عدت إلى أهلي وأولادي”.