بدأت تتكون في الضاحية الجنوبية لبيروت نواة تجمّع شبابي ثقافي واجتماعي يفتتح فعالياته اليوم بتنظيم إفطار جماعي لعشر أسر
هاني نعيم
بدأت «مقاومة التهميش» في الضاحية الجنوبيّة لبيروت. هي محاولة شبابيّة لتحريك المستنقع، وخلق مساحة تلاق للمهمّشين، ليعبّروا فيها عن أنفسهم، ومن أجل خلق واقع أفضل.
تتألف «المبادرة الشبابية في مركز المطالعة والتنشيط الثقافي» من شباب وصبايا، التقوا «بضرورة الموقع الجغرافي ــــ الاجتماعي، يختلفون بخلفيّاتهم الفكريّة ومهاراتهم، لكنّهم يتّفقون على العطاء والعمل الاجتماعي، المدني والإنساني»، حسب بيان التعريف عنهم.
يرفض هؤلاء الشباب البقاء على الهامش، وبعيداً عن السياسة والأديان والعقائد الكبرى، يجتمعون في إطار اجتماعي، «من أجل التعرّف على مشاكلنا، وحاجاتنا، وبالتالي العمل على معالجتها»، كما يشرح منسّق المبادرة علي جعفر.
وجودهم لا يمثّل تحدّياً لأي سلطة حزبيّة في الضاحية
أما بدايات المبادرة، فتعود إلى الشتاء الماضي، إذ كانت تدور النقاشات الليليّة بين الشباب في مقهى «أبو عساف» في أحد أزقّة الضاحية. هناك، ناقشوا مشاكلهم. وفي أحد الأيام، تطرقوا إلى مسألة «أصل الإنسان» الفلسفية، وبدأت الفكرة تغريهم: «لم لا ننظم هذه الجلسات؟».
بدأت اللقاءات المنظمة تجري في بيوتهم. في اللقاء الأول، طرحوا موضوع «الزواج المدني». وفي الثاني قام أحدهم، وهو حقوقي، بدراسة قانونيّة عن الموضوع، قدّمها وناقشها مع المجموعة. وفي لقاء تالٍ، ناقشوا الأزمة الاقتصاديّة العالميّة وتأثيرها على لبنان.
بعدها، انخرط الشباب في الامتحانات. عادوا مع بداية الصيف الحالي، ولكن مع فكرة أكبر: «توسيع الفكرة لتتحوّل إلى مبادرة عامّة» يقول علي. وكيف ذلك؟ «قررنا نقل مكان اللقاءات إلى مكان عام مفتوح للجميع، ويتيح مشاركة جميع المهتمين، فاخترنا مكتبة بلديّة حارة حريك».
يرفض شباب «المبادرة» اعتبار وجودهم تحدّياً لأي سلطة حزبيّة في الضاحية، وتشرح إحدى ناشطات المبادرة مروة بوتاري «نحن نعمل خارج هذه الأطر. لدينا مشاكل، ونؤمن بأن لدينا القدرة على تغيير هذا الواقع ومعالجته، بدلاً من لعنه يوميّاً».
ويرفض الشباب أيضاً العروض بتحويل «المبادرة» إلى منظمة غير حكوميّة لها تمويلها الخاص من جهة خارجيّة، وذلك لأنه «ليس هدفنا أن نكون جمعيّة، بل مبادرة مفتوحة للجميع، تقدّم الدعم لكل مهمّش، عكس الجمعيات والأحزاب التي تدعم مناصريها فقط» كما توضح الناشطة عبير علامة.
بعدما استقبل الشباب الناشطة ناتالي أبو شقرا، العائدة من قطاع غزة الفلسطيني، في نقاش معها عن تجربتها أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة، يتحضرون اليوم لتنظيم نشاطهم الثاني، وهو تنظيم إفطار لعشر عائلات فقيرة، اختيرت حسب معايير الحاجة الاقتصاديّة وفق إحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعيّة وبلديّة حارة حريك، في أحد مطاعم الضاحية، مع تقديم حصص غذائيّة تكفيهم لمدة شهر، إضافة لأنشطة ترفيهيّة وتربويّة مع أطفال هذه العائلات.
تأتي مبادرة الشباب، الذين يعملون على تحسين واقعهم على الصعيدين الشخصي والعام، خارج السياق، لترسم صورة مختلفة عن التهميش، وعن مجابهته، بنفس يأمل التغيير ويعمل على إنجازه، بدل أن يسلك درب العنف في الاحتجاج عليه.