ميرا صيداويأمشي في الأسواق بين الوجوه، أغرق في الحكايا، أدير جهاز التلفاز، لكنّني أعود وأطفئه من جديد. شيء ما ينقصني، شيء يشبه ذاك الحلم... زهر الليمون يعبق بجسدي، فأشعر حينها وكأنّ بستاناً معلق في صدري. أتخيل الناس أمامي يمشون كالأشجار، بل يصيرون أشجاراً...
الحلم ذاته لا يتغير. يمر بداخلي كالعواصف الرمادية الملبدة بالغيوم. سمراء صغيرة تركض في الحلم مسرعةً، ترتدي فستاناً حريرياً قصيراً.
الضحكات من خلفي وأمامي تنتشر في كلّ الحلم، أجمع نفسي لأسمع صدى ضحكات قديمة لأناس بالأبيض والأسود.
أفيق من عتمة حلمي لأشرب كوباً من الماء. ثم أصمت محاولاً تركيب صور حلمي ببطء.
أستجمع ذاتي عائداً إلى الحياة من جديد. ضجيج السياسة يصم الآذان في الخارج. إيقاع الموت واللغة. يوميات حتى في الحب. أردد لنفسي بأنّ شيئاً ما ينقصني، شيئاً يشبه ذاك الحلم البعيد.
أنتظر الليل لأغرق في الحلم مرةً أخرى. هذه المرة أسأل الحلم البقاء. أطلب منه ألا يرحل. أجن بداخله. أصير كالمشعوذ أسأله البقاء. أوشك على الغرق بداخله وتوشك أطرافي أن تصاب بتيبس قاتل. العرق يمتزج برائحة الحلم. أصحو مذعوراً صارخاً: «لقد انتهى الحلم»... رائحة الليمون تعبق بجسدي. أتأمل المرآة، وجه رجل آخر صار وجهي وحلّ مكانه... لقد نسيت وجهي في الحلم. أبكي لأحمل رأسي وأذكر كلّ ما حدث من البداية. وأعود إلى كأس الفودكا وفلسفة صديقي عنها: «بعض الفودكا قادر على شفائي من الأشياء العالقة».