عكار ـــ روبير عبد اللهتتكدّس في حلبا مؤسسات عامة وخاصة تُعنى بمصالح مئات الآلاف من سكان عكار. في رقعة ضيقة لا تحتاج لتجاوزها إلى أكثر من ربع ساعة سيراً على الأقدام، تحشر المستشفيات والمصارف والمدارس والمعاهد وكل الإدارات الرسمية. ومع ذلك لا تضيق حلبا بسكانها وأبناء عكار فحسب، بل تمر فيها أيضاً الطريق الدولية التي تربط الشمال بالبقاع، ثم لبنان بسوريا عبر خطوط التهريب في وادي خالد سابقاً، وعبر المعبر الرسمي المفتتح حديثاً عند جسر قمار في البقيعةً.
إليكم عينة من مشاهدات يومية: أن يقف شرطي السير عاجزاً عن تنظيم حركة السيارات فمشهد يتكرر، ولا سيما في فترات دوام العمل، وساعات الذروة لانصراف الموظفين. أن تنطلق صفارات الدفاع المدني لحظة تحرك الآليات من ساحة حلبا لا يكفي لفتح الطريق، فيضطر رجال الدفاع المدني إلى مشاركة شرطة السير في تنظيم الحركة. أن يصل جريح قبل أن يفارق الحياة إلى إحدى المستشفيين في حلبا، فللعناية الإلهية في ذلك شأنها الحصري وإرادتها. أن تدوس شاحنة سيارة يحاول سائقها تجاوز سيارة على يمينه أو يساره، أمر في غاية البساطة، لا يثير الدهشة أو التعليق، فهناك تقاس المسافات بالأمتار.
دعوة إلى شق طريق تربط الكويخات بمنيارة من خارج حلبا
بإمكان مصلحة تسجيل السيارات والآليات أن تضع مراقباً واحداً ليرصد مرور السيارات على مدى مئة متر من ساحة حلبا، وعندها يستحق صاحب السيارة الناجية من حادث بسيط شهادة سوق من الدرجة الرفيعة، ولا حاجة بالتالي إلى كل الجهاز الإداري والفني المشرف على منح دفاتر السوق.
يقال تمخض الجبل فولد فأراً. لكن الأمر في حلبا معكوس بالتمام، إذ يمكن للفأر إذا تمخض أن يلِد جبلاً. والقضية بحسب سعيد الحلبي، رئيس بلدية حلبا، يمكن حلها بمجرد شق طريق لا يتعدى طولها ثلاثة كيلومترات، تربط الكويخات بمنيارة من خارج حلبا، فتجنب البلدة معظم هذا الضغط. ويرى الحلبي أن حلبا لا تملك المؤهلات التي تمكنّها من أداء دور مركز قضاء عكار، ولاحقاً مركز محافظة عكار. فالبلدية تعاني، كما يقول، نقصاً في عديد الموظفين، فأربعة عناصر للشرطة مكلفين بمهمات شتى غير قادرين مع العدد القليل من الأمن الداخلي على تنظيم السير في حلبا. كما أنّ سير العمل في وزارة الداخلية، باستثناء المدة الأخيرة، كان يعاني بطئاً شديد في تنفيذ المعاملات المرتبطة بمصالح المنطقة.
في الكثير من البلدات والقرى، بل الأحياء العكارية أحياناً، تُرفع لافتات الشكر للعديد من السياسيين الذين يقدمون مشاريع خدماتية هنا وهناك، وبالشكر وحده تدوم النعم. فلماذا تكون الخدمة بالمفرق ولا تكون بالجملة؟ فهل خدمة الصالح العام صعبة الصرف في سوق التسابق الانتخابي واستتباع المحسوبين فرادى؟