كان الفستان الأبيض حلم كل فتاة، تنتظر «الفارس» رجلاً قوياً يُشعرها بالأمان، فيما ينتظرها هو طاهرة، «هنيّة»، وطبعاً ست بيت. اليوم، انتهى عصر «الغنائية». مع تطوّر المنظومة الاجتماعية، حوّلت الفتيات صفات الشاب إلى شروط، فيما جاراهم الشباب... ولو ظاهرياً
رنا حايك
كانت الوظائف واضحة في ما مضى، الرجل، «رب المنزل» يأتي بالتمويل، والزوجة، «ست البيت» تقوم بإدارة المؤسسة. كلٌّ يدرك دوره ويتصرّف بمقتضاه، إلا أن تحولات كثيرة طرأت على المعادلة، فأربكت الشباب. يتلعثم معظمهم، من الجنسين، عند سؤاله عن الشريك النموذجي، بينما يستسلم بعضهم أمام كون «الحالة المثالية غير موجودة»، فيما يتهرّب آخرون عبر إطلاق نكتة مثل «المرأة المثالية هي اللي معها مصاري ومعها بالقلب». كان ثمة مباراة غير معلنة في السابق بين الفتيات على «العريس». كان يكفي أن يكون «مقرش وابن ناس وحنون». أما اليوم، بعدما تعزّز وجودهن في سوق العمل، وتعوّدن الاستقلالية المادية واكتسبن الحريات التي تتيح لهن مقابلة الكثيرين، سقطت المواصفات وحلّت مكانها شروط: «يكون منفتح، مستقل، مش دلوع الماما، مثقف شوي مش بيضيّق الخلق» أو «يكون بيحكي لغات تتكون آفاقه أوسع من السلوك الذكوري الشرقي» أو «يكون إيجابي مش نكد ودلوع، يساعدني بشغل البيت وما يفرض عليي شي» أو حتى «تكوني قادرة تضهري فيه. يعني يكون presentable»!
لم يعد يكفي أن يكون الذكر ذكراً والسلام. فبعدما فتّحت «القطة المغمضة»، لم يعد يكفيها مجرد توافر العريس. «شو نابنا من تحرر المرأة غير المزيد من المسؤوليات؟ فقد أصبح علينا العمل خارج المنزل وداخله»، ومن هذا المنطلق، يحق لها أن تضع شروطاً لاختياره، وخصوصاً أن «شباب اليوم صاروا بيتهربوا من المسؤولية».
دانا تشترط ألا يعاملها كدمية. فهي قد تجاوزت فخّ الادعاء بالانفتاح لدى بعض الشباب الذي «غالباً ما يكون منفتحاً في أمور كالسهر واللباس المتحرر لزوجته، بينما لا تزال عقد الذكورة متغلغلة داخله وتظهر في أمور جوهرية لاحقاً».
ويبدو أن الشروط المذكورة عابرة للطبقات، فهي لم تصدر فقط على لسان فتيات المدينة، إذ حتى ندوى، التي تقطن في قرية جنوبية بعيدة، تشترط أن يكون «متعلماً واسع الآفاق، يحبني كإنسانة بعيداً عن الجسد والمال والمصلحة»، إلا أنها، على عكسهن، تشترط أن يكون من طائفتها وملتزماً دينياً، مثلها.
يردنه شريكاً، لا قائداً، ولا ممولاً. أما هو، فمتصالح مع المعادلة الجديدة، أو هكذا يبدو. «ما بيعنيني تكون عذراء، أريدها مثقفة وتعمل» يقول طارق، أما فراس، فيصل إلى حدود الاعتراف بأن «الزواج مؤسسة صنعها ووضع شروطها المنطق الذكوري، لذلك أفضّل المساكنة. في هذا السياق، تكون الزوجة شريكة. والشريكة المثالية هي من تدخل العلاقة لمشاركة الطرف الآخر بما لديها، لا لأنها تحتاج منه إلى شيء، أكان ذلك عاطفة أم مالاً».
سامر يريدها مستقلة وتعمل ومثقفة، لكن ضروري أن تكون «بتطبخ منيح لإنو دليل حب. البنات اليوم استقالوا من الطبخ، وإذا طبخوا بيكون معكرونة وبفتيك!».
اختلطت الأدوار، ففقدت المعايير وضوحها. بعضهم ينافق نفسه إذ يحددها، وبعضهم يريح نفسه من تحديدها، كهادي الذي يرفض الزواج لأن «مسؤولياته كبيرة، شو بدي بهالشغلة؟ خصوصاً إني قادر أعمل علاقات خارج إطاره» أو كناتالي التي لا تؤمن بالزواج لخطأ في المفهوم ذاته «فهو قيد أبدي وأنا أدرك أن الديمومة غير ممكنة، ومن المؤكد أن الملل سيتسلل لاحقاً إلى أي علاقة. لشو قيّد حالي وأنا قادرة خوض علاقات برّا المؤسسة؟».
وفي النهاية، تبقى الوصفة السحرية مفقودة. الكل يتصرّفون بحسب المتاح، لا وفق أجندة معدة سلفاً. الله يرحم ستي، كانت حياتها أسهل رغم مشاقّها.


شروط إضافية

«ألو؟ عندك عريس لإلي؟»، تسأل الشابة بارتباك. تستفسر الموظفة في وكالة زواج تتعهد أن تجد للزبون شريكاً في «المجتمع الفريد من نوعه»، كما ينصّ الإعلان، عن مذهب «الزبونة» وعن سنّها حتى تحدّد الطلب. لكن، هنا، تترتب شروط إضافية تضعها الوكالة: «لازم نعمل معك مقابلة، وإذا عجبتينا كفتاة متعلمة ومثقفة أي لائقة اجتماعياً، بتعبّي طلب، بتدفعي 100 $ ومنعرض عليك 5 عرسان».
ماذ حلّ بـ«ساكن قصادي وبحبّه»؟ على الأرجح، يجب تعديل الأغنية لتصبح «ساكن قصادي، معاه شهادة عليا، وسيارة بي أم، ووظيفة ثابتة... حتى أحبه». أما إذا تتبعنا شروط الإعلان الذي أرسله جو إلى إحدى المجلات التسويقية، ونشرته خطأً في صفحة الوظائف، فإذا لم تكوني A SPECIAL GIRL أي «مثقفة، موضوعية، شخصية قوية، منطقية، لائقة، اجتماعية، صادقة، جدية و... مرحة، وتحبين القراءة» فأحسنلك ما تتصلي!