مايا ياغيفي وقت يتهرب فيه بعض الناس من الزواج لما يرتبه من أعباء مادية، يتجه بعض الشباب إلى تحمّل هذه المسؤولية باكراً. تتدخل الظروف الاجتماعية في هذه المسألة لتفرض على الشباب الزواج أو تمنعهم منه، لكن البيئة التي يعيشون فيها هي التي تهيئ الزواج المبكر، مثل جنوب لبنان، حيث يمكن أن تخطب الفتاة في عمر 14 سنة وتتزوج في 15.
لم تمانع منتهى ياغي الزواج المبكر، لكنّها تتحسر على عدم إكمالها دراستها. «بدأت أعرف أهميتها، فابنتي التي تبلغ السنتين بدأت تحتاج إلى التوجيه، وخصوصاً لجهة تعلم اللغات الأجنبية وما شابه»، تقول ابنة العشرين عاماً. أما أماني حسن (21 سنة) فهي تؤيد الزواج المبكر. تقول إنّها ارتبطت بزوجها عندما كانت طالبة في السنة الأولى في كلية التربية «وبعد فترة حب استمرت أشهراً، قررنا الزواج، وهو لم يكن حينها قد أكمل الثانية والعشرين، رغم معارضة الفكرة من الأهل نظراً لصغر عمرنا أصررنا، والحمد لله تزوجنا ولا نزال نكمل دراستنا الجامعية معاً».
حتى لو وافق الزوج على متابعة الدراسة فالعبء يبقى كبيراً
يعارض سمير صباغ الزواج في سنّ مبكر ولا يفكر بالارتباط الرسمي قبل بلوغه الثلاثين. يعارضه علي الذي طالما كان يتهرب من إصرار والديه على الزواج المبكر، وخصوصاً أنّ والده عالم دين يرى في الزواج المبكر للشباب مستحباً شرعياً، إلى أن وجد علي نفسه، كما يقول، أمام الفتاة التي لفتت نظره، وهي في عمر السادسة عشرة وقرر حينها تنفيذ رغبة والديه.
تبلغ ملاك حرب العشرين، وهي أم لولدين ولا تزال تكمل دراستها الجامعية. تقول: «تزوجت صغيرة، لكنّي ثابرت على متابعة دراستي حتى وصلت إلى الجامعة، لكني اتحمل مسؤولية كبيرة في التوفيق بين أسرتي ودراستي، وخصوصاً في فترة الامتحانات». لا تحبذ ملاك زواج الفتاة قبل إتمام دراستها الجامعية وإن لم تلق معارضة من زوجها لمتابعة طموحها الأكاديمي «لأنّها ستجد نفسها في وقت من الأوقات أمام عبء كبير تحمله على عاتقها».
من جهتها تجد فاطمة حريبي صعوبة كبيرة في كيفية التعامل مع ابنتها التي لم تكمل عامها الأول، وتعتمد على والدتها في تدبير أمورها اليومية، ولا ترى أنّ المشكلة في العمر فقط أو في الدراسة.
تؤكد وفاء فحص (34 عاماً) أنّ تجربة زواجها المبكر كانت جيدة، إذ تشعر اليوم بأنّها هي وابنتها (19 سنة) أختان «ما حدا بيصدق إنّي أمها، وأحياناً أجد صعوبة مع ابني (17 عاماً) وخصوصاً في مدرسته حيث اضطررت يوماً إلى إبراز الهوية كي يتأكدوا من أنّني والدته هذا إلى جانب العديد من المواقف المضحكة التي نتعرض لها عندما نكون معاً».
يبقى موضوع الزواج المبكر حالة من أنواع الحفاظ على الفتاة في البيئة الجنوبية، في وقت أصبحت فيه الفتيات في المدينة لا يفكّرن في هذا القرار إلا بعد تجاوز الثلاثين وبعد حساب كلّ إيجابيات هذه الخطوة وسلبياتها.