قبل شهر تقريباً، فرّ طه الحاج سليمان، الموقوف بتهمة الانتماء إلى تنظيم فتح الإسلام، من داخل السجن المركزي في رومية. أكد أكثر من مصدر أمني بعد الحادثة أنّ موقوفي فتح الإسلام كانوا يحظون بمعاملة خاصة، وأوردت تقارير أمنية قبل شهرين من الحادثة خبراً جاء فيه أن عراكاً حصل داخل «المبنى د» (أي المبنى ذاته الذي شهد حالة الهروب) بين مجموعتين من السجناء، الأولى متهمة بالانتماء إلى فتح الإسلام، فيما الثانية تتألّف من سجناء لبنانيين موقوفين بتهم جنائية. تطوّر العراك إلى تضارب بالأيدي، فأصيب بعض السجناء، وتعرض أحد أفراد قوى الأمن الداخلي، برتبة مؤهل، ممّن تدخلوا لحل الإشكال فور وقوعه، للرشّ بالزيت الساخن على يديه ووجهه، من جانب أشخاص ينتمون إلى السجناء ذوي الخصوصية الأمنية، وقد عولج في مركز رومية الطبي. وذكرت التقارير الأمنية أن طه الحاج سليمان كان متورطاً في ذلك الخلاف. وبعد فرار الأخير، طلب وزير الداخلية والبلديات، زياد بارود، توقيف ضباط وحراس في سجن رومية، وطلب من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي فصل جميع ضباط وعناصر السجون ونقلهم، في قرار يعدّ سابقة في لبنان. جاء قرار بارود في بيان صادر عن وزارة الداخلية، أكد فيه ضرورة اتخاذ «تدابير فورية» تقضي بـ«توقيف آمر سجن مبنى الموقوفين في السجن المركزي وضابط الدوام في سرية السجون المركزية والمراقبين العامين كافة في مبنى سجن الموقوفين وحرس الطبقة الثالثة في المبنى». آنذاك، أوضح بيان الداخلية أن التحقيق الأوّلي الذي أجرته المفتشية العامة في عملية فرار طه أحمد سليمان ومحاولة فرار سبعة سجناء آخرين من سجن رومية خلص إلى «وجود ثغرات إجرائية قد تكون أسهمت في حصول عملية الفرار». قرّر بارود توقيف هؤلاء الضباط والعناصر «إلى حين استكمال التحقيق الذي تتولاه المفتشية العامة لقوى الأمن الداخلي، وترتيب المسؤوليات والعقوبات في ضوء نتائج التحقيق المذكور». وطلب وزير الداخلية من «المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي المباشرة فوراً بفصل جميع الضباط العاملين حالياً في جميع السجون، على أن يتم هذا الفصل في مهلة 15 يوماً على الأكثر». كذلك طلب من المديرية العامة «المباشرة فوراً بفصل أو نقل جميع العناصر من جميع السجون، على أن يتم هذا الفصل أو النقل خلال مهلة شهرين على الأكثر». وأوضح مسؤول في وزارة الداخلية أن طلب النقل أو الفصل يعني عملياً إجراء مناقلات وتشكيلات جديدة تشمل ستين ضابطاً و300 عنصر يعملون في سجون لبنان البالغ عددها 21. اليوم، بعد ما يقارب شهراً على الحادثة، أكد وزير الداخلية والبلديات، في اتصالٍ مع «الأخبار»، أن العمل داخل السجون، وخصوصاً داخل السجن المركزي في رومية، جار على قدم وساق، في أكثر من اتجاه، ضمن المهل القانونية. فعلى صعيد التشكيلات الأمنية ونقل الضباط، لفت بارود إلى أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي قامت بعدد من المناقلات حتى الآن، في عدد من السجون، فيما يجري إعداد الترتيبات اللازمة لإنهاء تشكيل الضباط قبل انتهاء مهلة الشهرين القانونية. وفي سياق منفصل، نبّه بارود إلى أن الأوضاع الأخرى تلقى اهتماماً كثيفاً من الوزارة، وقد اطّلع الوزير من النائب غسان مخيبر على آخر التطورات هناك، التي شملت بناء تحسينات داخل السجن، أبرزها خطة تقنية لتسخين المياه بواسطة الطاقة الشمسية، عوضاً عن تذكير الوزير بارود بالمشروع الجديد لبناء السجن (راجع عدد «الأخبار» الأربعاء 11 أيلول 2009). وفي الحديث عن اكتظاظ السجون، الأمر الذي رأى فيه بارود مشكلةً أساسية، استغرب الأخير أسئلة البعض المتكررة عن كثرة التوقيفات التي تقوم بها القوى الأمنية، مؤكداً أن هذا العدد الكبير من الموقوفين هو نتيجة صدور مذكرات عدلية وقضائية بحقهم، فيما تمثّل القوى الأمنية أداة تنفيذية وحسب.
أ. م.