نوبة من الضحك الهستيري تنتابني وأنا أشاهد إعلانات مسلسل باب الحارة وأخواته. وبأخواته أعني مجموعة المسلسلات التي أنتجت من بعده، وتماهت مع مزاجه: الشوارب المفتولة وعضلات الفتوّات وملاحم البطولة في التصدي للمحتل المغتصب والنساء المفتونات برجالهن الأبطال وسواعدهم المفتولة. فقد أصبحنا نستجدي الصورة البطولية على الشاشة في مرحلة الإفلاس الفاضح الذي نتخبط فيه.وانتقلت المزايدات على الوطن والوطنية والقضايا المركزية من بورصة المؤتمرات والبيانات السياسية إلى الشاشة، حيث يباع الوهم ويشرى بتكاليف أقل، مهما بلغ حجم الإنتاج. بصراحة، تصبح المجاهرة بالنخوة العربية في هذه الحالة وقاحة. وهذا أقل ما يقال فيها. فبدل أن «نتلطّى بالحيط ونقول يا ربي السترة» في هذا الزمن الرديء الذي لم يقل فيه عربي لإسرائيل «لا» إبان احتراق غزة، بينما قالها التركي، نتمتّع بالوقاحة الكافية لاستعراض مراجلنا ونحن مخصيون سياسياً. ماذا ينفع هذا الشحن «اللي ما بيجيب ولاد؟»، «واللا هو حرقصة للمشاهد وبس!» وعلى فكرة، بخصوص الثورة العربية التي «حرّرتنا» من الإمبراطورية العثمانية، ألم ينتبه أحد لما جاءت به من محتل جديد، حين سلّمت باليد اليمنى لمهيمن جديد ما اكتسبته باليد اليسرى؟ وعلى فكرة أيضاً، حتى صلاح الدين كان كردياً ولم يكن عربياً، يعني حتى السينما مضللة، وشركات الإنتاج، كالسياسيين، فهمت، بدراسة تسويقية بسيطة، من أين تؤكل الكتف، وكيف يباع الوهم للمشاهد وللمواطن.
رنا...