ديما شريفكنت في الثالثة من عمري حين انطلقت جمول، ولكنني لم أسمع بها سوى في بداية التسعينيات. عقد كامل مرّ وأنا أسمع فقط عن «حرب التوحيد» و«حرب أبو عمار» في مدينتي الشمالية الصغيرة دون أن أعرف أنّ هناك حرباً أخرى في مكان آخر من هذا الوطن. حرب من أجل مستقبل الوطن. ورغم ذلك سمعت عن جمول في مدينتي تلك البعيدة سنوات عن فلسطين المحتلة. كان أحدهم يتحدث عن ابن المدينة الذي كان في السابعة عشرة من عمره واستشهد أثناء تنفيذ عملية ضد إذاعة العميل لحد. كنت في سنوات المراهقة واكتشف فلسطين للمرة الأولى. شعرت بالفخر بانتمائي إلى مدينة خرّجت مقاومين بعدما كان الخجل ينتابني من جنوحها نحو التطرف. سأضحككم قليلاً. حين سمعت كلمة جمول للمرة الأولى اعتقدت أنّها شخص مقاوم. ضحك محدثي كثيراً من الالتباس الذي وقعت به لكنّه فسر لي بطول بال ما هي جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. وطنية. وطنية وليست حكراً على مذهب أو طائفة أو فئة أو منطقة. كان في جمول مقاومون من عكار والبترون والجبل، استشهدوا من أجل لبنان. هكذا أفهم المقاومة.
جمول تصغرني سناً لكن إنجازاتها تتخطى حجم هذا الوطن الذي يكرّم العملاء على نحو شبه يومي ويرفع لهم نصباً. جمول الشابة أكبر مني ومن هذا الكيان. أكبر منا جميعاً.