طرابلس ــ عبد الكافي الصمدخرج نازحو مخيم نهر البارد للمرة الأولى من مخيّمهم ومن مخيم البداوي المجاور، ليعبّروا عن “غضبهم” من التأخير الحاصل في إعادة إعمار البارد، فنفّذوا اعتصاماً كبيراً لهذه الغاية أمام مركز وحدة إعمار البارد التابع للأونروا في معرض رشيد كرامي الدولي، بمشاركة عدد من ممثلي هيئات المجتمع المدني في طرابلس.
وسط إجراءات أمنية مشدّدة اتخذها الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في محيط المكان، وصلت باصات وسيارات أقلّت المعتصمين من مخيمي نهر البارد والبداوي، الذين أتوا رجالاً ونساءً ومسنين وأطفالاً، بمواكبة دراجات نارية وسيارات تابعة لقوى الأمن الداخلي، رافقت وفود المعتصمين من مدخل المدينة الشمالي وصولاً إلى مكان الاعتصام، فيما انتشرت قوة أمنية أخرى في ساحة عبد الحميد كرامي (ساحة النور)، حيث كان المعتصمون ينوون إقامة اعتصامهم فيها، لكنّ وزارة الداخلية لم تسمح لهم بذلك.
لافتات وشعارات كثيرة رفعها المعتصمون إلى جانب العلمين اللبناني والفلسطيني، أبرزها “إعمار البارد الآن”، وهو العنوان الذي جرى تحته الاعتصام، إضافةً إلى شعارات أخرى مثل: “لا لمدينة البراكسات”، “يمكن لأرتوزيا أن تنتظر”، “طرابلس تطالب بإعادة إعمار البارد” و“لا للتصاريح المذلّة والتمييز العنصري”.
ولم يقتصر الأمر على هذا الحد، بل أُطلقت في الاعتصام هتافات مثل: “نهر البارد يا مجروح، دمك هدر ما بيروح”، و“لا توطين ولا تهجير... بدنا عودة للتعمير”، “يا للعار يا للعار باعوا البارد بالدولار”، و“ع البارد راجعين بدون تصاريح”، وصولاً إلى “العربي وينو وينو عم يسكر بالكازينو”، ما استدعى تدخل منسّقة هيئة المناصرة نوال حسن التي تمنّت “عدم إطلاق هتافات مسيئة”.
ما يحدث في مخيم نهر البارد غير واضح لمن هم خارجه
في موازاة الفلسطينيين، كان لافتاً وجود متضامنين أجانب مع المعتصمين إلى جانب لبنانيين أتوا من طرابلس ومناطق أخرى. مريم بلحص القادمة من الجنوب رفعت لافتة كتب عليها: “آذار 2009 هل هو ذكرى وضع الحجر الأساس أم وضع شاهد على جثة المخيم؟”، وأشارت إلى أن “ما يحدث في المخيم غير واضح لمن هم خارجه، لذلك فإنّ أي تحرّك للإضاءة على هذه المعاناة من شأنه أن يوصل الرسالة، ونحن هنا لنعبّر عن تضامننا مع أهالي المخيم”.
أما رانيا المصري القادمة من البقاع، فرفعت لافتة كتب عليها: “من أهمّ، مصير 40 ألف إنسان فلسطيني أم آثار واهية؟”، وسألت: “إذا اتفقنا على حق الفلسطيني في عودته إلى أرضه، فإن هذا الحق يتطلب تأمين حقوق أخرى لمساعدته على النضال من أجل العودة؟”. ورأت المصري أن ما قاله النائب إبراهيم كنعان عن أن “الأموال التي تدفع لإعمار البارد من الأفضل دفعها في الضفة”، هو “كلام مهين لي كلبنانية وعربية، لأننا نحن اللبنانيين من دمّر المخيم، وبالتالي فإن كل شخص من سكانه له حق عندنا، والحد الأدنى من هذا الحق أن نتضامن معهم”.
مصادر المنظّمين أوضحت لـ“الأخبار” أن الاعتصام “خطوة أولى ستتبعها اعتصامات مماثلة في بيروت وغيرها، كي تصل الرسالة إلى من يعنيهم الأمر”.
وكانت قد تخللت الاعتصام كلمات لكلّ من جوزف حولي، الذي ألقى كلمة هيئات المجتمع المدني في طرابلس، تلته منسّقة هيئة المناصرة نوال حسن. وتلا عضو الهيئة أحمد السعدي نص مذكّرة رُفعت إلى محافظ الشمال ناصيف قالوش، والمدير العام للأونروا في لبنان سلفاتوري لومباردو، ومسؤول وحدة إعمار المخيم تشارلز هيغنز، وفيها دعوة إلى “تضافر الجهود لتذليل العقبات التي تقف أمام عرقلة المشروع الحلم لـ40 ألف فلسطيني”، معوّلة على “الوعود وحكمة بعض المرجعيات السياسية ومناقبية مجلس شورى الدولة، للتصدي والوقوف بوجه الطعن الذي قُدّم بشأن قضية الآثار”، رافضةً تحويل المخيم “صندوق بريد لإيصال الرسائل إلى هذا الطرف أو ذاك”. ودعت المذكرة إلى “تخفيف الإجراءات الأمنية وتعويض التجار، وترميم القسم المحاذي للمخيم القديم “البرايمات”، وإلغاء المخطط لإنشاء قواعد برية وبحرية”.